للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَابْنَةُ الزَّوْجَةِ لَا تُحَرَّمُ عَلَى زَوْجِ أُمِّهَا بِأَرَقِّ الْأَسْبَابِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ، لَكِنْ بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ مَعَ الْعَقْدِ، فَهَذَا تَحْرِيمٌ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِأَغْلَظِ الْأَسْبَابِ.

ثُمَّ تَنَاقُضُهُمْ هَهُنَا طَرِيفٌ جِدًّا، لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ رَغِيفًا فَأَكَلَ نِصْفَ رَغِيفٍ يَحْنَثُ، وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهَبَ لِزَيْدٍ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَوَهَبَ لَهُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا كُلِّهِ لَوْ كَانَ هَهُنَا تَقْوَى؟

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ -: بِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ فَقُلْنَا لَهُمْ: إنَّمَا يَكُونُ الْحِنْثُ بِمُخَالَفَةِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ فِي اللُّغَةِ وَالْمَعْقُولُ دُخُولُ الدَّارِ إلَّا بِدُخُولِ بَعْضِهَا، لَا بِأَنْ يَمْلَأَهَا بِجُثَّتِهِ، بِخِلَافِ أَكْلِ الرَّغِيفِ، وَلَوْ أَنَّهُ دَخَلَ بَعْضُهُ الدَّارَ لَا كُلُّهُ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا - وَهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى: أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَهْدِمَ هَذَا الْحَائِطَ فَهَدَمَ مِنْهُ مَدَرَةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذَا الرَّغِيفِ]

١١٤٩ - مَسْأَلَةٌ فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذَا الرَّغِيفِ، أَوْ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ هَذَا الْكُوزِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْهُ وَشُرْبِ شَيْءٍ مِنْهُ، لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مَاءَ النَّهْرِ]

١١٥٠ - مَسْأَلَةٌ

فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مَاءَ النَّهْرِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي شُرْبِ شَيْءٍ مِنْهُ حَنِثَ [بِأَيِّ شَيْءٍ مِنْهُ] لِأَنَّهُ بِهَذَا يُخْبِرُ عَنْ شُرْبِ بَعْضِ مَائِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ]

١١٥١ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الدُّورِ الْمُبَاحَةِ الدَّهَالِيزَ كَدُورِ الرُّؤَسَاءِ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِ الدِّهْلِيزِ حَتَّى يَدْخُلَ مِنْهَا مَا يَقَعُ عَلَى مَنْ صَارَ هُنَالِكَ أَنَّهُ دَاخِلُ دَارِ زَيْدٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الدُّورِ الَّتِي لَا تُبَاحُ دَهَالِيزُهَا حَنِثَ بِدُخُولِ الدِّهْلِيزِ.

وَهَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ، وَالْحَمَّامَاتِ، وَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ لِمَا ذَكَرْنَا: مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى مَا يَتَخَاطَبُ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٧١] فَهَذَا عُمُومٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُحَمَّدًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَالْأَنْبِيَاءَ يَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>