للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَكْلِهَا - وَإِنْ كَانُوا يُطْلِقُونَ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَالْأَكْلِ اسْمَ الرُّءُوس حَنِثَ بِهَا، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْأَيْمَانَ إنَّمَا هِيَ عَلَى لُغَةِ الْحَالِفِ، وَمَعْهُودِ اسْتِعْمَالِهِ فِي كَلَامِهِ.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

أَلَا تَرَى: أَنَّ الْمِسْكَ دَمٌ جَامِدٌ، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ اسْمُ دَمٍ حَلَّ وَلَمْ يَحْرُمْ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ بِيضًا]

١١٦٦ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ بِيضًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَكْلِ بَيْضِ الدَّجَاجِ خَاصَّةً وَلَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ بَيْضِ النَّعَامِ وَسَائِرِ الطَّيْرِ، وَلَا بِيضِ السَّمَكِ لِمَا ذَكَرْنَا؛ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ عِنَبًا فَأَكَلَ زَبِيبًا أَوْ شَرِبَ عَصِيرًا]

. ١١٦٧ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ عِنَبًا فَأَكَلَ زَبِيبًا أَوْ شَرِبَ عَصِيرًا، أَوْ أَكَلَ رُبًّا أَوْ خَلًّا لَمْ يَحْنَثْ.

وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ زَبِيبًا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْعِنَبِ وَلَا بِشُرْبِ نَبِيذِ الزَّبِيبِ وَأَكْلِ خَلِّهِ.

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي التَّمْرِ، وَالرُّطَبِ، وَالزَّهْوِ، وَالْبَسْرِ، وَالْبَلَحِ، وَالطَّلْعِ وَالْمُنَكِّتِ، وَنَبِيذِ كُلِّ ذَلِكَ وَخَلِّهِ، وَذُو شَائِبَةٍ، وَنَاطِفَةٍ: لَا يَحْنَثُ.

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهَا حَنِثَ بِأَكْلِ سَائِرِهَا - وَلَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ مَا يَشْرَبُ مِنْهَا - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، لِأَنَّ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ، وَالْعَالَمُ كُلُّهُ بَعْضُهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ بَعْضٍ وَنَحْنُ مَخْلُوقُونَ مِنْ تُرَابٍ وَمَاءٍ.

فَلَوْ أَنَّ امْرَأً حَلَفَ أَنْ لَا يُدْخِلَ فِي دَارِهِ حَيَوَانًا فَأَدْخَلَ التُّرَابَ وَالْمَاءَ لَمْ يَحْنَثْ بِلَا خِلَافٍ مِنَّا وَمِنْ غَيْرِنَا.

وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ عِنَبًا فَأَكَلَ زَبِيبًا أَوْ شَرِبَ عَصِيرًا حَنِثَ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخَلِّ - فَكَانَ هَذَا عَجَبًا جِدًّا، وَكَانَ احْتِجَاجُهُمْ لِهَذِهِ الْقَوْلَةِ أَعْجَبَ مِنْهَا، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: أَمْرُ الْخَلِّ بَعِيدٌ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَا مَعْنَى " بَعِيدٍ "؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّ بَيْنَ الْعِنَبِ وَبَيْنَ الْخَلِّ دَرَجَتَيْنِ: الْعَصِيرَ، وَالْخَمْرَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>