للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْهَاشِمِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَغَيْرِهِمْ.

وَلَا يُعْلَمُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَّا أَنَّ مُمَوِّهًا مَوَّهَ بِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْأَسْلَمِيِّ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى - عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ لَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَحْنَثَ - وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّ ابْنَ أَبِي يَحْيَى مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ، ثُمَّ عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يُجِزْ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ، إنَّمَا فِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الْحِنْثِ فَقَطْ - وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ هَذَا.

[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُعْتِقَ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ يَنْوِي كَفَّارَةَ تِلْكَ الْيَمِينِ]

١١٧٨ - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُعْتِقَ عَبْدَهُ هَذَا، فَأَعْتَقَهُ يَنْوِي بِعِتْقِهِ ذَلِكَ كَفَّارَةَ تِلْكَ الْيَمِينِ لَمْ يُجْزِهِ.

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ الْمَسَاكِينِ فَأَطْعَمَهُمْ يَنْوِي بِذَلِكَ كَفَّارَةَ يَمِينِهِ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ، لَكِنْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.

وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَصُومَ فِي هَذِهِ الْجُمُعَةِ وَلَا يَوْمًا، ثُمَّ صَامَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَنْوِي بِهَا كَفَّارَةَ يَمِينِهِ تِلْكَ - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ بِالصِّيَامِ - لَمْ يُجْزِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَنْ يَصُومَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَفَّارَةِ بِلَا شَكٍّ إسْقَاطُ الْحِنْثِ، وَالْحِنْثُ قَدْ وَجَبَ بِالْعِتْقِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ، فَلَا يَحْنَثُ بَعْدُ فِي يَمِينٍ قَدْ حَنِثَ فِيهَا، وَالْكَفَّارَةُ لَا تَكُونُ الْحِنْثَ بِلَا شَكٍّ، بَلْ هِيَ الْمُبْطِلَةُ لَهُ، وَالْحَقُّ لَا يُبْطِلُ نَفْسَهُ.

[مَسْأَلَةٌ صِفَةُ الْكَفَّارَةِ]

١١٧٩ - مَسْأَلَةٌ

وَصِفَةُ الْكَفَّارَةِ: هِيَ أَنَّ مَنْ حَنِثَ، أَوْ أَرَادَ الْحِنْثَ وَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ بَعْدُ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ -: وَهُوَ إمَّا أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، وَإِمَّا أَنْ يَكْسُوَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ، وَإِمَّا أَنْ يُطْعِمَهُمْ: أَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَهُوَ فَرْضٌ، وَيَجْزِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ: فَفَرْضُهُ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ مَا دَامَ يَقْدِرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا: مِنْ الْعِتْقِ، أَوْ الْكِسْوَةِ، أَوْ الْإِطْعَامِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: ٨٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>