للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوسِرَ فَلَا يَنْقُلُونَهُ إلَى جَوَازِ الصِّيَامِ عَنْهُ، أَوْ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُوسِرَ بَعْدَ مَا يُعْسِرُ فَيَنْقُلُونَهُ إلَى وُجُوبِ الْعِتْقِ، أَوْ الْإِطْعَامِ، أَوْ الْكِسْوَةِ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا لَزِمَهُ الصِّيَامُ لِضَرُورَةِ عَدَمِهِ؟ قُلْنَا: كَذَبَ مَنْ قَالَ هَذَا، وَأَخْبَرَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى عَوَّضَ مِنْ الْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَقَتْلِ الْخَطَإِ -: الصِّيَامَ لَا الْإِطْعَامَ، ثُمَّ عَوَّضَ مِنْ الصِّيَامِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْإِطْعَامَ وَلَمْ يُعَوِّضْ مِنْهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ إطْعَامًا، وَخَيَّرَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ، وَالْهَدْيِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: ٢٣] وَ {يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: ٤١] وَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مَا أَوْجَبَهُ.

وَاخْتَلَفَ الْمُخَالِفُونَ لَنَا فِي هَذَا -: فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: إنْ قَدَرَ عَلَى الْإِطْعَامِ، أَوْ الْكِسْوَةِ، أَوْ الْعِتْقِ، قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ جَمِيعَ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ: بَطَلَ حُكْمُ الصَّوْمِ، وَلَزِمَهُ أَحَدُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.

قَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إنْ كَانَ قَدْ أَتَمَّ صِيَامَ يَوْمَيْنِ صَامَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَصُمْ تَمَامَ الْيَوْمَيْنِ انْتَقَلَ عَنْ حُكْمِ الصَّوْمِ وَلَزِمَهُ أَحَدُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: إنْ كَانَ قَدْ تَمَّ لَهُ صِيَامُ يَوْمٍ وَاحِدٍ تَمَادَى عَلَى صِيَامِ الْيَوْمَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتِمَّ لَهُ صِيَامُ يَوْمٍ وَاحِدٍ انْتَقَلَ عَنْ حُكْمِ الصَّوْمِ وَلَزِمَهُ أَحَدُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ - هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلْيَتَمَادَ فِي صَوْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ بَطَلَ حُكْمُ الصَّوْمِ وَانْتَقَلَ إلَى الْعِتْقِ، أَوْ الْكِسْوَةِ، أَوْ الْإِطْعَامِ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢] .

وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا نَصَّ قُرْآنٍ فِيهَا وَلَا سُنَّةٍ -: فَصَحَّ أَنَّهَا آرَاءٌ مُجَرَّدَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>