للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَفْته فَأَخَذْته أُجِرْت، وَإِنْ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْته طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، فَذَلِكَ شُكْرٌ شَكَرَهُ لَك وَهُوَ أَجْرُ مَا أَنْظَرْته.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ نا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: اقْتَرَضَ مِنِّي ابْنُ عُمَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَضَانِي أَجْوَدَ مِنْ دَرَاهِمِي، وَقَالَ لِي: مَا كَانَ فِيهَا مِنْ فَضْلٍ فَهُوَ نَائِلٌ مِنِّي لَك أَتَقْبَلُهُ؟ قُلْت: نَعَمْ - وَلَا يُعْرَفُ لِهَذَيْنِ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إلَّا رِوَايَةً عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَسْتَسْلِفُ مِنْ التُّجَّارِ أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ يَكْتُبُ لَهُمْ إلَى الْعُمَّالِ، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ

وَحَكَى شُعْبَةُ: أَنَّهُ سَأَلَ الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَمَّنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ خَيْرًا مِنْهَا؟ فَقَالَا جَمِيعًا: إذَا كَانَ لَيْسَ مِنْ نِيَّتِهِ فَلَا بَأْسَ

وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَا جَمِيعًا: لَا بَأْسَ أَنْ تُقْرِضَ دَرَاهِمَ بِيضًا وَتَأْخُذَ سُودًا، أَوْ تُقْرِضَ سُودًا وَتَأْخُذَ بِيضًا.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا قَطَرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْأَشْعَثِ الْحُمْرَانِيِّ قَالَ: سَأَلْت الْحَسَنَ؟ فَقُلْت: يَا أَبَا سَعِيدٍ لِي جَارَاتٌ وَلَهُنَّ عَطَاءٌ فَيَقْتَرِضْنَ مِنِّي وَنِيَّتِي فِي فَضْلِ دَرَاهِمِ الْعَطَاءِ عَلَى دَرَاهِمِي؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ.

وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ إذَا أَسْلَفْتَ طَعَامًا فَأَعْطَاكَهُ بِأَرْضِ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ عَنْ شَرْطٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

وَهُوَ كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَأَجَازَ مَالِكٌ: أَنْ يَرُدَّ أَفْضَلَ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ عَادَةٍ، وَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَرُدَّ أَكْثَرَ - وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي أَوْرَدْنَا.

وَأَمَّا فَرْقُهُ بَيْنَ الْعَادَةِ وَغَيْرِهَا -: فَخَطَأٌ، لِأَنَّهُ إنْ جَازَ مَرَّةً جَازَ أَلْفَ مَرَّةٍ وَلَا فَرْقَ، وَإِنْ كَانَ خَيْرًا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَالْإِكْثَارُ مِنْ الْخَيْرِ خَيْرٌ؛ وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَالشَّرُّ لَا يَجُوزُ لَا مَرَّةً وَلَا مِرَارًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَبْلَهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَادَةِ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>