للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِيرَاثِ الْأَبَوَيْنِ، وَالزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالْبَنِينَ، وَالْبَنَاتِ، مِنْ مَالِ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ، وَأَبَاحَ فِي الْقُرْآنِ لِكُلِّ مَالِك أَمَةٍ وَطْأَهَا بِمِلْكِ يَمِينِهِ، وَحَرَّمَهَا عَلَى مَنْ لَا يَمْلِكُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: ٦] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٧] فَدَخَلَ فِي هَذَا مَنْ لَهُ وَالِدٌ، وَمَنْ لَا وَالِدَ لَهُ.

فَصَحَّ أَنَّ مَالَ الْوَلَدِ لَهُ بِيَقِينِ، لَا لِأَبَوَيْهِ، وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِيهِ إلَّا مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ مِمَّا ذَكَرْنَا: مِنْ الْأَكْلِ، أَوْ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَقَطْ. وَلَوْ كَانَ مَالُ الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ لَمَا وَرِثَتْ زَوْجَةُ الْوَلَدِ، وَلَا زَوْجُ الْبِنْتِ، وَلَا أَوْلَادُهُمَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، لِأَنَّهُ مَالٌ لِإِنْسَانِ حَيٍّ، وَلَا كَانَ يَحِلُّ لِذِي وَالِدٍ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ أَصْلًا، لِأَنَّهَا لِأَبِيهِ كَانَتْ تَكُونُ.

فَصَحَّ بِوُرُودِ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ وَبَقَائِهِمَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثَابِتَيْنِ غَيْرِ مَنْسُوخَيْنِ: أَنَّ ذَلِكَ الْخَبَرُ مَنْسُوخٌ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا صَحَّ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ: أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَمَةً، أَوْ عَبْدًا لَهُمَا وَالِدٌ فَإِنَّ مِلْكَهُمَا لِمَالِكِهِمَا، لَا لِأَبِيهِمَا.

فَصَحَّ أَيْضًا: أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّهُ لِأَبِيهِ» مَنْسُوخٌ، وَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - وَهَذَا مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ بِالْأَثَرِ وَخَالَفُوا ذَلِكَ الْأَثَرَ نَفْسَهُ.

وَأَمَّا رَهْنُ الْمَرْءِ السِّلْعَةَ تَكُونُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَإِنَّ الرَّهْنَ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْ الِارْتِهَانِ إلَّا بِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ، أَوْ بِهَلَاكِهِ، أَوْ بِاسْتِحَالَتِهِ، حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهُ الِاسْمُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ حِينَ رُهِنَ، أَوْ بِقَضَاءِ الْحَقِّ الَّذِي رُهِنَ عَنْهُ، فَالْتِزَامُ غَيْرِ الرَّاهِنِ لِلرَّاهِنِ - هَذَا كُلُّهُ فِي سِلْعَتِهِ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَهُ أَخْذُ سِلْعَتِهِ مَتَى شَاءَ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الرُّهُونِ فِيمَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ رَهْنًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>