للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْ الْمَيِّتِ بِصَدَقَةٍ لَكَانَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ بِهَا رَوْحٌ زَائِدٌ وَلَا بُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ فِي كَرْبٍ وَلَا غَمٍّ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ مَطَلَ وَهُوَ غَنِيٌّ فَحَصَلَ لَهُ الظُّلْمُ ثُمَّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ذَلِكَ الظُّلْمَ بِالْقَضَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إلَّا أَنَّهُ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِهَذَا أَصْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، وَنَحْنُ نَجِدُ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ سُوءٍ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ إثْمُ ذَلِكَ وَإِثْمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا أَبَدًا.

وَنَجِدُ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فِي الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا أَبَدًا، فَقَدْ يُؤْجَرُ الْإِنْسَانُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَيُعَاقَبُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِمَا سَبَبٌ.

وَقَدْ يَدْخُلُ الرَّوْحُ عَلَى مَنْ تَرَكَ وَلَدًا صَالِحًا يَدْعُو لَهُ {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧] ، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: ٢٣] وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: لَا يَرْجِعُ الضَّامِنُ بِمَا أَدَّى سَوَاءً بِأَمْرِهِ ضَمِنَ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ اسْتَقْرَضَهُ، فَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ سُقُوطِ الْحَقِّ عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَبَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَاسْتِقْرَارِهِ عَلَى الضَّامِنِ.

فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ وَالظُّلْمِ الْوَاضِحِ أَنْ يُطَالِبَ الضَّامِنُ مِنْ أَجْلِ أَدَائِهِ حَقًّا لَزِمَهُ وَصَارَ عَلَيْهِ وَاسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ مَنْ لَا حَقَّ قِبَلَهُ لَهُ، وَلَا لِلَّذِي أَدَّاهُ عَنْهُ، وَهَذَا لَا خَفَاءَ بِهِ وَمَا نَدْرِي لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِمَا أَدَّى حُجَّةً أَصْلًا.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِمَا أَدَّى عَنْهُ سَوَاءٌ بِأَمْرِهِ ضَمِنَ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَالشَّافِعِيُّ: إنْ ضَمِنَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَمِنَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ - وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فَاسِدٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَتَقْسِيمٌ فَاسِدٌ بِلَا بُرْهَانٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بِمِثْلِ قَوْلِنَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِخَبَرٍ وَاهٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد عَنْ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا لَزِمَ غَرِيمًا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>