للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَقْضِيَ بِمَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِغَيْرِهِ إلَّا بِنَصِّ قُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ، وَإِلَّا فَهُوَ جَوْرٌ.

وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] فَهَذِهِ لَيْسَتْ تِجَارَةٌ أَصْلًا فَهِيَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْعَمَلُ لَا يَنْقَسِمُ وَاسْتَأْجَرَهُمَا صَاحِبُهُ بِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ]

١٢٣٩ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ لَا يَنْقَسِمُ وَاسْتَأْجَرَهُمَا صَاحِبُهُ بِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ كَكَمْدِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ، أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ وَاحِدٍ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا؟ وَكَذَلِكَ إنْ نَصَبَا حِبَالَةً مَعًا فَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا، أَوْ أَرْسَلَا جَارِحَيْنِ فَأَخَذَا صَيْدًا وَاحِدًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ وَإِلَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا صَادَ جَارِحُهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ جَائِزَةٌ فِي الصِّنَاعَاتِ اتَّفَقَتْ صِنَاعَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ عَمَلًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَوْضِعَيْنِ، فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ فَمَا أَصَابَ الصَّحِيحُ الْحَاضِرُ فَبَيْنَهُمَا - وَلَا تَجُوزُ فِي التَّصَيُّدِ، وَلَا فِي الِاحْتِطَابِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا تَقْسِيمٌ فَاسِدٌ بِلَا بُرْهَانٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبَدَانِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ الْوَكَالَةُ - وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عِنْدَهُ جَائِزَةٌ فِي النِّكَاحِ فَتَجِبُ أَنْ تَجُوزَ الشَّرِكَةُ عِنْدَهُمْ فِي النِّكَاحِ.

وَقَالَ مَالِكٌ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ جَائِزَةٌ فِي الِاحْتِطَابِ وَطَلَبِ الْعَنْبَرِ، إذَا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.

وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَكَا فِي صَيْدِ الْكِلَابِ وَالْبُزَاةِ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَازٍ وَكَلْبٌ، يَتَعَاوَنُ الْبَازَانِ أَوْ الْكَلْبَانِ عَلَى صَيْدٍ وَاحِدٍ - وَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ عِنْدَهُ عَلَى التَّعْلِيمِ فِي مَكَان وَاحِدٍ؛ فَإِنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ فَلَا ضَيْرَ فِيهِ.

وَأَجَازَ شَرِكَةَ الْأَبَدَانِ فِي الصِّنَاعَاتِ إذَا كَانَا فِي دُكَّانٍ وَاحِدٍ، كَالْقَصَّارِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صِنَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا فَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ إنْ غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا يَوْمًا وَالْآخَرُ يَوْمَيْنِ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ اشْتَرَاك الْحَمَّالِينَ أَوْ النَّقَّالِينَ عَلَى الدَّوَابِّ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ الِاشْتِرَاكُ فِي صِنَاعَتَيْنِ أَصْلًا كَحَدَّادٍ وَقَصَّارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا تَحَكُّمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>