للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ الْغَنِيمَةَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنْ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ» فِي حَدِيثٍ - فَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَعْطَى بَعْضَهُمْ غَنَمًا، وَبَعْضَهُمْ إبِلًا، فَهَذَا عَمَلُ الصَّحَابَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِ.

[مَسْأَلَةٌ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ يُقْسَمُ إذَا حَلَّ مِلْكُهُ]

١٢٥٥ - مَسْأَلَةٌ:

وَيُقْسَمُ كُلُّ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ - إذَا حَلَّ مِلْكُهُ -: كَالْكِلَابِ، وَالسَّنَانِيرِ، وَالثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَالْمَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، كُلُّ ذَلِكَ بِالْمُسَاوَاةِ وَالْمُمَاثَلَةِ، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزُ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ وَتَخْلِيصُهُ، وَلَيْسَتْ بَيْعًا - وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا جَازَ أَنْ تَأْخُذَ الْبِنْتُ دِينَارًا وَالِابْنُ دِينَارَيْنِ.

وَكَذَلِكَ: تَقْسِيمُ الضِّيَاعِ الْمُتَبَاعِدَةِ فِي الْبِلَادِ الْمُتَفَرِّقَةِ، فَيَخْرُجُ بَعْضُهُمْ إلَى بَلْدَةٍ، وَالْآخَرُ إلَى أُخْرَى لِمَا ذَكَرْنَا - وَكُلُّ قَوْلٍ خَالَفَ هَذَا فَهُوَ تَحَكُّمٌ بِلَا بُرْهَانٍ يَئُولُ إلَى التَّنَاقُضِ، وَإِلَى الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِنَا، وَتَرْكِ قَوْلِهِمْ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَرْكِ بَعْضٍ وَأَخْذِ بَعْضٍ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْسَمُ الْحَيَوَانُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَقَعَ فِي الْقِسْمَةِ لِأَحَدِ الْمُقْتَسِمِينَ عُلْو بِنَاءٍ وَالْآخَرِ سُفْلُهُ]

١٢٥٦ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ فِي الْقِسْمَةِ لِأَحَدِ الْمُقْتَسِمِينَ عُلْوُ بِنَاءٍ وَالْآخَرِ سُفْلُهُ، وَهَذَا مَفْسُوخٌ أَبَدًا إنْ وَقَعَ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الْهَوَاءَ دُونَ الْأَرْضِ لَا يُتَمَلَّكُ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهِ أَصْلًا لِوَجْهَيْنِ -: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ إلَى أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُتَمَوِّجٌ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ وَلَا مَضْبُوطٍ، فَمَنْ وَقَعَ لَهُ الْعُلْوُ فَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جُدُرَاتِ صَاحِبِهِ وَسَطْحِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَهْدِمَ صَاحِبُ السُّفْلِ جُدُرَاتِهِ، وَلَا سَطْحَهُ، وَلَا أَنْ يُعْلِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا أَنْ يُقَصِّرَهُ: وَلَا أَنْ يُقَبِّبَ سَطْحَهُ، وَلَا أَنْ يُرَقِّقَ جُدُرَاتِهِ، وَلَا أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا أَقْوَاسًا.

وَكُلُّ هَذِهِ شُرُوطٌ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>