للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ مَالُ الْمُفْلِسِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ]

مَسْأَلَةٌ: وَيُقَسَّمُ مَالُ الْمُفْلِسِ الَّذِي يُوجَدُ لَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ بِالْقِيمَةِ كَمَا يُقَسَّمُ الْمِيرَاثُ عَلَى الْحَاضِرِينَ الطَّالِبِينَ الَّذِينَ حَلَّتْ آجَالُ حُقُوقِهِمْ فَقَطْ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ حَاضِرٌ لَا يَطْلُبُ، وَلَا غَائِبٌ لَمْ يُوَكِّلْ، وَلَا حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ حَقِّهِ - طَلَبَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ -؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ حَقِّهِ فَلَا حَقَّ لَهُ بَعْدُ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى مَا لَمْ يَطْلُبْ، وَقَدْ وَجَبَ فَرْضًا إنْصَافُ الْحَاضِرِ الطَّالِبِ فَلَا يَحِلُّ مَطْلُهُ بِفَلْسٍ فَمَا فَوْقَهُ.

وَقَدْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ» فَإِذَا أَخَذُوهُ فَقَدْ مَلَكُوهُ فَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ مِمَّا مَلَكُوهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَأَمَّا الْمَيِّتُ بِفَلَسْ: فَإِنَّهُ يَقْضِي لِكُلِّ مِنْ حَضَرَ أَوْ غَابَ - طَلَبَا أَوْ لَمْ يَطْلُبَا - وَلِكُلِّ ذِي دَيْنٍ كَانَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى أَوْ حَالًّا؛ لِأَنَّ الْآجَالَ تَحِلُّ كُلُّهَا بِمَوْتِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ، أَوْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَاتِ الْقَرْضِ ".

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَطْلُبْ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] فَلَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ، فَوَاجِبٌ إخْرَاجُ الدُّيُونِ إلَى أَرْبَابِهَا وَالْوَصَايَا إلَى أَصْحَابِهَا، ثُمَّ يُعْطَى الْوَرَثَةُ حُقُوقَهُمْ فِيمَا أَبْقَى، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالدَّيْنِ]

١٢٨١ - مَسْأَلَةٌ: وَإِقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالدَّيْنِ لَازِمٌ مَقْبُولٌ وَيَدْخُلُ مَعَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَاجِبٌ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إبْطَالُهُ بِغَيْرِ نَصِّ قُرْآنٍ، أَوْ سُنَّةٍ، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ قُضِيَ بِمَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ لَزِمَهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلْ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي مَالٍ قَدْ قُضِيَ لَهُمْ بِهِ وَمَلَكُوهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ النَّاسِ]

١٢٨٢ - مَسْأَلَةٌ: وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ النَّاسِ فَيَبْدَأُ بِمَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ فِي الْحَيِّ، وَالْمَيِّتِ، وَبِالْحَجِّ فِي الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَعُمَّ: قَسَّمَ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ هَذِهِ الْحُقُوقِ بِالْحِصَصِ لَا يُبَدَّى مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ.

وَكَذَلِكَ دُيُونُ النَّاسِ إنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِجَمِيعِهَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَالِهِ مِمَّا وُجِدَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الْحَجِّ " مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» ، «وَاقْضُوا اللَّهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>