للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَرْضٌ عَلَى كُلِّ مَنْ حَلَّلَ وَحَرَّمَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مِمَّا يَحِلُّ لَهُمْ إنْ كَانَ يَعْرِفُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَالسُّكُوتُ هُوَ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا يَحِلُّ غَيْرُهُ.

ثُمَّ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الرَّأْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الْبَقَرِ - وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَاحِشٌ.

وَكَذَلِكَ أَجَازَ كِرَاءً تَكُونُ فِيهَا الشَّجَرَةُ أَوْ النَّخْلَةُ وَاسْتِثْنَاءَ ثَمَرَتِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا حِينَ الْإِجَارَةِ ثَمَرَةٌ إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الْكِرَاءِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ - وَلَا يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّةِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَئِنْ كَانَ الْكَثِيرُ مِمَّا ذَكَرْنَا حَلَالًا فَالْقَلِيلُ مِنْ الْحَلَالِ حَلَالٌ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَالْقَلِيلُ مِنْ الْحَرَامِ حَرَامٌ.

وَهَذَا بِعَيْنِهِ أَنْكَرُوا عَلَى الْحَنِيفِيِّينَ إذَا أَبَاحُوا الْقَلِيلَ مِمَّا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ وَقَدْ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ كِرَاءُ الطَّعَامِ لِيُؤْكَلَ - فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا أَبَاحُوهُ مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ بِالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ فِيهَا لِتُؤْكَلَ، وَبَيْنَ كِرَاءِ الْغَنَمِ لِتَحْلُبَ.

فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ. قُلْنَا: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَهُنَا بَاطِلًا لِأَنَّ أَصَحَّ الْقِيَاسِ هَهُنَا -: أَنْ يُقَاسَ اسْتِئْجَارُ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ لِلْحَلْبِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ الْوَاحِدَةِ لِلرَّضَاعِ فَحَرَّمْتُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ قِسْتُمْ حَيْثُ لَا تَشَابُهَ بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَقَرَةِ لِلْحَدَثِ وَمِنْ الْقَطِيعِ الْكَثِيرِ عَدَدُهُ، وَالْعِلَّةُ الْمَانِعَةُ عِنْدَهُمْ مِنْ إجَارَةِ الرَّأْسِ الْوَاحِدِ لِلْحَلْبِ مَوْجُودَةٌ فِي الظِّئْرِ وَلَا فَرْقَ، وَمَا رَأَيْنَا أَجْهَلَ بِالْقِيَاسِ مِمَّنْ هَذَا قِيَاسُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ إجَارَةُ الْأَرْضِ]

١٢٩٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ أَصْلًا، لَا لِلْحَرْثِ فِيهَا، وَلَا لَلْغَرْسِ فِيهَا، وَلَا لِلْبِنَاءِ فِيهَا، وَلَا لِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ أَصْلًا، لَا لِمُدَّةٍ مُسَمَّاةٍ قَصِيرَةٍ وَلَا طَوِيلَةٍ، وَلَا لِغَيْرٍ مُدَّةٍ مُسَمَّاةٍ، لَا بِدَنَانِيرَ وَلَا بِدَرَاهِمَ، وَلَا بِشَيْءٍ أَصْلًا - فَمَتَى وَقَعَ فَسْخٌ أَبَدًا.

وَلَا يَجُوزُ فِي الْأَرْضِ إلَّا الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، أَوْ الْمُغَارَسَةُ كَذَلِكَ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا بِنَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ جَازَ اسْتِئْجَارُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَتَكُونُ الْأَرْضُ تَبَعًا لِذَلِكَ الْبِنَاءِ غَيْرِ دَاخِلَةٍ فِي الْإِجَارَةِ أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>