للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ هَالَ الْبَحْرُ وَخَافُوا الْعَطَبَ فَلْيُخَفِّفُوا الْأَثْقَلَ فَالْأَثْقَلَ، وَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْمَرْكَبِ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِتَخْلِيصِ أَنْفُسِهِمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] .

فَمَنْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُحْسِنٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] .

وَقَالَ مَالِكٌ: يَضْمَنُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا سِيقَ لِلْأَكْلِ، وَالْقُنْيَةِ، وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَا مَالَ لَهُ فِي الْمَرْكَبِ - وَهَذَا كُلُّهُ تَخْلِيطٌ لَا يَعْضُدُهُ دَلِيلٌ أَصْلًا، وَقَوْلٌ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَقَدَّمَهُ قَبْلَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَإِنْ كَانَ دُونَ الْأَثْقَلِ مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ فِي رَمْيِ الْأَثْقَلِ كُلْفَةٌ يَطُولُ أَمْرُهَا، وَيُخَافُ غَرَقُ السَّفِينَةِ فِيهَا، وَيُرْجَى الْخَلَاصُ، بِرَمْيِ الْأَخَفِّ رُمِيَ الْأَخَفُّ حِينَئِذٍ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَأَمَّا مَنْ رَمَى الْأَخَفَّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى رَمْيِ الْأَثْقَلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا رَمَى مِنْ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُهُ مَعَهُ غَيْرُهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .

وَلَا يُرْمَى حَيَوَانٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ يُوقِنُ مَعَهَا بِالنَّجَاةِ بِرَمْيِهِ، وَلَا يُلْقَى إنْسَانٌ أَصْلًا لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ دَفْعُ ظُلْمٍ عَنْ نَفْسِهِ بِظُلْمِ مَنْ لَمْ يَظْلِمْهُ، وَالْمَانِعُ مِنْ إلْقَاءِ مَالِهِ الْمُثْقِلِ لِلسَّفِينَةِ ظَالِمٌ لِمَنْ فِيهَا، فَدَفْعُ الْهَلَاكِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِمَنْعِهِ مِنْ ظُلْمِهِمْ فَرْضٌ.

[مَسْأَلَةٌ اسْتِئْجَارُ الْحَمَّامِ]

١٣٢٢ - مَسْأَلَةٌ: وَاسْتِئْجَارُ الْحَمَّامِ جَائِزٌ، وَيَكُونُ الْبِئْرُ، وَالسَّاقِيَةُ تَبَعًا، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ إجَارَةٍ مَعَ الدَّاخِلِ فِيهِ، لَكِنْ يُعْطَى مُكَارَمَةً، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ بِمَا أُعْطِي أُلْزِمَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مَا يُسَاوِي بَقَاؤُهُ فِيهِ فَقَطْ لِأَنَّ مُدَّةَ بَقَائِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مَجْهُولَةٌ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْكِرَاءِ عَلَى مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ لِجَهْلِهِمَا، بِمَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا]

١٣٢٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَإِنْ كَانَتْ فِيهَا دَالِيَةٌ، أَوْ شَجَرَةٌ، لَمْ يَجُزْ دُخُولُهَا فِي الْكِرَاءِ أَصْلًا - قَلَّ خَطَرُهَا أَمْ كَثُرَ، ظَهَرَ حَمْلُهَا أَوْ لَمْ يَظْهَرْ - طَابَ أَوْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>