للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا مُلْغًى بِتَمَامِهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: ١٩٤] فَعَمَلُهُ حُرْمَةٌ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَقْتَصَّ بِمِثْلِهَا، وَالزِّبْلُ مَالُهُ فَلَا يُحْمَلُ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْمَرِيدُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْأَرْض]

١٣٣٧ - مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ هُوَ الْمَرِيدُ لِلْخُرُوجِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا عَمِلَ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ زِبْلِهِ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ لِلْخُرُوجِ وَلَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَرْضِ فِي شَيْءٍ، وَلَا مَنَعَهُ حَقًّا لَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إتْمَامِ عَمَلِهِ وَتَمَامِ شَرْطِهِ وَالْخُرُوجِ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ فِي شَيْءٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ مَنْ أَصَابَ مِنْ صَاحِب الْأَرْض وَالْعَامِل مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ]

١٣٣٨ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَصَابَ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَمَنْ قَصُرَ نُصِيبُهُ عَنْ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.

وَلَا يَحِلُّ اشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَلِكُلِّ أَحَدٍ حُكْمُهُ.

وَاشْتِرَاطُ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنْ نَفْسِهِ وَوَضْعِهَا عَلَى غَيْرِهِ شَرْطٌ لِلشَّيْطَانِ وَمُخَالَفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحِلُّ أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَدْ كَانَا قَادِرَيْنِ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَا يُرِيدَانِ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ هَذَا الشَّرْطِ الْمَلْعُونِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَا يَتَعَاقَدَانِ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَرْبَعَةَ أَعْشَارِ الزَّرْعِ أَوْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الثُّلُثِ، أَوْ نَحْوَ هَذَا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا وَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ فِي الْمُزَارَعَة فَاسِدَةً]

١٣٣٩ - مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا وَقَعَتْ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً، رَدَّ إلَى مُزَارِعِهِ مِثْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ فِيمَا زَرَعَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا تَعَاقَدَ أَوْ أَقَلَّ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي الْأَرْضِ أَخْذُ أَجْرٍ وَلَا حَظٍّ إلَّا الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مُسَمًّى بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَقُّ الْأَرْضِ فَلَا تَجُوزُ إبَاحَةُ الْأَرْضِ وَمَا أَخْرَجَتْ لِلْعَامِلِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] وَلَا يَجُوزُ إبَاحَةُ بَذْرِ الْعَامِلِ وَعَمَلِهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ ذَلِكَ أَيْضًا، فَيُرَدَّانِ إلَى مِثْلِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا أَخْرَجَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: ١٩٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>