للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَأْمُورٍ بِهِمَا عَلَى مَا ذَكَرُوا فِي الْوُضُوءِ: بِأَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ مَنْ عَلَيْهِ غُسْلَانِ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ يَوْمَانِ مِنْ - شَهْرِ رَمَضَانَ، أَوْ رَقَبَتَانِ عَنْ ظِهَارَيْنِ، أَوْ كَفَّارَتَانِ عَنْ يَمِينَيْنِ، أَوْ هَدْيَانِ عَنْ مُتْعَتَيْنِ، أَوْ صَلَاتَا ظُهْرٍ مِنْ يَوْمَيْنِ، أَوْ دِرْهَمَانِ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَنْ مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يُجْزِئَ فِي كُلِّ ذَلِكَ صِيَامُ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَرَقَبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَدْيٌ وَاحِدٌ، وَصَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَدِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الشَّرِيعَةِ وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ، فَبَطَلَ قِيَاسُهُمْ الْفَاسِدُ.

ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِسْنَادِهِ فِي بَابِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ، فَصَحَّ بِهَذَا الْخَبَرِ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ الْحَدَثِ جُمْلَةً، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ كُلُّ حَدَثٍ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ كُلُّ جَنَابَةٍ.

وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضُوءٌ وَاحِدٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ كُلِّ حَدَثٍ سَلَفَ، مِنْ نَوْمٍ وَبَوْلٍ وَحَاجَةِ الْمَرْءِ وَمُلَامَسَةٍ، وَإِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ ثنا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ ثنا ابْنُ وَضَّاحٍ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا هُشَيْمٌ ثنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» .

وَأَمَّا - طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ فِي الْقِرَانِ عَنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «طَوَافٌ وَاحِدٌ يَكْفِيكَ لِحَجِّكَ وَعُمْرَتِكَ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذْ يُجْزِئُ عِنْدَهُ غُسْلٌ وَاحِدٌ عَنْ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالتَّبَرُّدِ، وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ إلَّا طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ.

وَهَذَا عَكْسُ الْحَقَائِقِ وَإِبْطَالُ السُّنَنِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ " وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ كَمَا رُوِّينَا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>