للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ: فَتَنَاقَضُوا هَهُنَا فَقَالُوا فِي الْقِرَاضِ كَمَا قُلْنَا، وَقَالُوا فِي " الْمُسَاقَاةِ " لَا تَجُوزُ أَلْبَتَّةَ إلَّا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى.

وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي " الْمُزَارَعَةِ " فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَجَازُوهَا فِيهِ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ خِلَافِهِمْ فِي " الْمُزَارَعَةِ " و " الْمُسَاقَاةِ " السُّنَّةَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ، وَتَرَكُوا الْقِيَاسَ أَيْضًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ تَسْمِيَة السَّهْمَ الَّذِي يَتَقَارَضَانِ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبْحِ]

١٣٧٠ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ إلَّا بِأَنْ يُسَمِّيَا السَّهْمَ الَّذِي يَتَقَارَضَانِ عَلَيْهِ مِنْ الرِّبْحِ، كَسُدُسٍ، أَوْ رُبْعٍ، أَوْ ثُلُثٍ، أَوْ نِصْفٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيُبَيِّنَا مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ قِرَاضًا وَلَا عُرْفًا مَا يَعْمَلُ الْعَامِلُ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ لَا يَحِلُّ لِعَامِلِ الْقِرَاض أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الْمَالِ شَيْئًا]

١٣٧١ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الْمَالِ شَيْئًا وَلَا أَنْ يَلْبَسَ مِنْهُ شَيْئًا، لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: مَا أَكَلَ الْمُضَارِبُ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ.

وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَالْحَسَنِ: أَنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ - قَالَ إبْرَاهِيمُ: وَكِسْوَتُهُ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَيْسَ كَذَلِكَ.

وَقَوْلُنَا هَهُنَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: أَمَّا فِي الْحَضَرِ فَكَمَا قُلْنَا، وَأَمَّا فِي السَّفَرِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَكْتَسِي مِنْهُ وَيَرْكَبُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ - إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا - وَإِلَّا فَلَا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَهُ فِي الْحَضَرِ أَنْ يَتَغَذَّى مِنْهُ بِالْأَفْلُسُ.

وَهَذَا تَقْسِيمٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ بِلَا دَلِيلٍ، وَلَيْتَ شِعْرِي مَا مِقْدَارُ الْمَالِ الْكَثِيرِ الَّذِي أَبَاحُوا هَذَا فِيهِ؟ وَمَا مِقْدَارُ الْقَلِيلِ الَّذِي مَنَعُوهُ فِيهِ؟ وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ - فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

ثُمَّ أَيْضًا يَعُودُ الْمَالُ إلَى الْجَهَالَةِ فَلَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ مِنْهُ؟ وَلَا مَا يَبْقَى مِنْهُ؟ وَقَلِيلُ الْحَرَامِ حَرَامٌ - وَلَوْ أَنَّهُ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ، وَكَثِيرُ الْحَلَالِ حَلَالٌ - وَلَوْ أَنَّهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

فَإِنْ قَالُوا هُوَ سَاعٍ فِي مَصْلَحَةِ الْمَالِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>