للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ النَّخَعِيِّ قَالَ: إنْ أَصَابَ هَذَا - يَعْنِي مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَصُدْغَيْهِ - أَجْزَأَهُ - يَعْنِي فِي الْوُضُوءِ - وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْأَزْرَقِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إنْ مَسَحَ جَانِبَ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ وَصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - خِلَافٌ لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ خَالَفَنَا فِيمَنْ رَوَى عَنْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مَسْحَ جَمِيعَ رَأْسِهِ؛ لِأَنَّنَا لَا نُنْكِرُ ذَلِكَ بَلْ نَسْتَحِبُّهُ، وَإِنَّمَا نُطَالِبُهُمْ بِمَنْ أَنْكَرَ الِاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَجِدُونَهُ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَمَنْ خَالَفَنَا فِي هَذَا فَإِنَّهُمْ يَتَنَاقَضُونَ، فَيَقُولُونَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ: إنَّهُ خُطُوطٌ لَا يَعُمُّ الْخُفَّيْنِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ؟ وَأُخْرَى وَهِيَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: إنْ كَانَ الْمَسْحُ عِنْدَكُمْ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَهُوَ وَالْغُسْلُ سَوَاءٌ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ؟ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ تُنْكِرُونَ مَسْحَ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ وَتَأْبَوْنَ إلَّا غُسْلَهُمَا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّكُمْ لَا تَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ يَلْزَمُ تَقَصِّي الرَّأْسِ بِالْمَاءِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِي الْوُضُوءِ، فَقَدْ أَقْرَرْتُمْ بِأَنَّ الْمَسْحَ بِالرَّأْسِ خِلَافُ الْغُسْلِ، وَلَيْسَ هُنَا فَرْقٌ إلَّا أَنَّ الْمَسْحَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَقَطْ، وَهَذَا تَرْكٌ لِقَوْلِكُمْ.

وَأَيْضًا فَمَا تَقُولُونَ فِيمَنْ تَرَكَ بَعْضَ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْوُضُوءِ فَلَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهَا؟ فَمِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّهُ يُجْزِيهِ، وَهَذَا تَرْكٌ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِمْ.

فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا نَقُولُ بِالْأَغْلَبِ، قِيلَ لَهُمْ: فَتَرْكُ شَعْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ وَهَكَذَا أَبَدًا، فَإِنْ حَدُّوا حَدًّا قَالُوا بِبَاطِلٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَمَادَوْا صَارُوا إلَى قَوْلِنَا، وَهُوَ الْحَقُّ.

فَإِنْ قَالُوا: مَنْ عَمَّ رَأْسَهُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، وَمَنْ لَمْ يَعُمَّهُ فَلَمْ يُتَّفَقْ عَلَى أَنَّهُ تَوَضَّأَ قُلْنَا لَهُمْ فَأَوْجِبُوا بِهَذَا الدَّلِيلِ نَفْسِهِ الِاسْتِنْشَاقَ فَرْضًا وَالتَّرْتِيبَ فَرْضًا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْكٌ لِجُمْهُورِ مَذْهَبِهِمْ.

إنْ قَالُوا: مَسْحُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ نَاصِيَتِهِ عَلَى عِمَامَتِهِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، قُلْنَا: هَذَا أَعْجَبُ شَيْءٍ لِأَنَّكُمْ لَا تُجِيزُونَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مَنْ فَعَلَهُ، فَكَيْفَ تَحْتَجُّونَ بِمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ وَأَيْضًا فَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّهُ فِعْلٌ وَاحِدٌ؟ بَلْ هُمَا فِعْلَانِ مُتَغَايِرَانِ عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>