للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّبِيِّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِ مِمَّا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ طَائِعَةً.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا عَلَيْهِمْ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ، وَالِابْتِيَاعِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْإِقْرَارِ - ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: إنَّ الرَّضَاعَ لَا يُرَاعَى فِيهِ نِيَّةٌ، بَلْ رَضَاعُ الْمَجْنُونَةِ، وَالنَّائِمَةِ، كَرَضَاعِ الْعَاقِلَةِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُحَرَّمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يُحَرَّمُ مِنْ النَّسَبِ» فَلَا مَدْخَلَ لِلْإِرَادَةِ فِي الرَّضَاعِ، وَلَا هُوَ عَمَلٌ أُمِرَتْ بِهِ فَيُرَاعَى فِيهِ نِيَّتُهَا -.

وَقَالُوا: وَجَدْنَا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى وَطْءِ امْرَأَةِ ابْنِهِ يُحَرِّمُهَا عَلَى الِابْنِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا عَلَيْهِمْ فِي الْبَيْعِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْإِقْرَارِ -.

وَجَوَابُنَا نَحْنُ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ فَرْجُهُ فَأُدْخِلَ فِي فَرْجِهَا لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكِحْهَا - وَأَمَّا إنْ تُهُدِّدَ، أَوْ ضُرِبَ حَتَّى جَامَعَهَا بِنَفْسِهِ قَاصِدًا -: فَهُوَ زَانٍ مُخْتَارٌ قَاصِدٌ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَتُحَرَّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلْإِكْرَاهِ هَهُنَا.

قَالَ عَلِيٌّ: وَنَقُولُ لَهُمْ: هَبْكُمْ أَنَّكُمْ وَجَدْتُمْ فِي الطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ: هَذِهِ الْآثَارَ الْمَكْذُوبَةَ، فَأَيُّ شَيْءٍ وَجَدْتُمْ فِي النِّكَاحِ؟ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَلْزَمْتُمُوهُ؟ وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبْطَالُهُ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ، ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ «عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامِ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ نِكَاحَهُ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد الْمِصِّيصِيُّ نا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنَّ أَبِي زَوَّجَنِي - وَهِيَ كَارِهَةٌ - فَرَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِكَاحَهَا» .

وَهَذَانِ سَنَدَانِ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ لَا مُعَارِضَ لَهُمَا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَمَنْ حَكَمَ بِإِمْضَاءِ نِكَاحِ مُكْرَهٍ، أَوْ طَلَاقِ مُكْرَهٍ، أَوْ عِتْقِ مُكْرَهٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>