للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ نا قَاسِمٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ وَالتَّخْيِيرُ بَعْدَ الصَّفْقَةِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَغْبِنَ مُسْلِمًا» .

فَهَذَانِ مُرْسَلَانِ مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ، مُبْطِلَانِ لِقَوْلِهِمْ الْخَبِيثِ الْمُعَارِضِ لِلسُّنَنِ، فَأَيْنَ هُمْ عَنْهُ؟ لَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَقُولُوا مَا لَا يَفْعَلُونَ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مَقْتِهِ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالسُّخْفِ قَالَ: هَذَا خَبَرٌ جَاءَ بِأَلْفَاظٍ شَتَّى فَهُوَ مُضْطَرِبٌ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ كَذَبَ بَلْ أَلْفَاظُهُ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ مَنْقُولَةٌ نَقْلَ التَّوَاتُرِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مُخْتَلِفًا أَصْلًا، لَكِنَّهَا أَلْفَاظٌ يُبَيِّنُ بَعْضُهَا بَعْضًا، كَمَا أُمِرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِبَيَانِ وَحَيِّ رَبِّهِ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةٌ التَّخْيِير فِي الْبَيْعِ]

١٤١٨ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا أَوْجَبْتُمْ التَّخْيِيرَ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ لِمَا رَوَيْتُمُوهُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْبَيْعِ مَا هَوِيَ أَوْ يَتَخَايَرَانِ ثَلَاثَ مِرَارٍ» .

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا إِسْحَاقُ أَنَا حَيَّانُ نا هَمَّامٌ نا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا» قَالَ هَمَّامٌ: وَجَدْت فِي كِتَابِي «يَخْتَارُ ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا وَيَمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا» وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَفَّانَ عَنْ هَمَّامٍ أَيْضًا؟ قُلْنَا: رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مُرْسَلَةٌ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا حَدِيثُ الْعَقِيقَةِ وَحْدَهُ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ هَمَّامٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ وَجَدَهَا فِي كِتَابِهِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْهَا وَلَا رَوَاهَا، وَلَا أَسْنَدَهَا، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>