للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَأْتِ الْأَثَرُ فِي الْآبِقِ؟ قُلْنَا: وَلَا جَاءَ هَذَا الْأَثَرُ السَّاقِطُ - أَيْضًا - إلَّا فِي الْآبِقِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَا عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعِكْرِمَةَ: أَنَّهُمَا لَمْ يُجِيزَا بَيْعَ الْعَبْدِ الْآبِقِ، قَالَ عِكْرِمَةُ: وَلَا الْجَمَلِ الشَّارِدِ - وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِنَا -: مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ اشْتَرَى بَعِيرًا وَهُوَ شَارِدٌ.

قَالَ عَلِيٌّ: مَا نَعْلَمُ لَهُ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَالثِّقَةِ، وَهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلَافَ مِثْلِ هَذَا إذَا وَافَقَهُمْ وَيَجْعَلُونَهُ إجْمَاعًا، وَعَهْدُنَا بِالْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ يَقُولُونَ: إذَا رَوَى الصَّاحِبُ خَبَرًا وَخَالَفَهُ فَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا رَوَى، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخَبَرِ.

وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» .

وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: إبَاحَةُ بَيْعِ الْجَمَلِ الشَّارِدِ - فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ غَرَرًا مَا خَالَفَ مَا

رَوَى، هَذَا لَازِمٌ لَهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ، وَإِلَّا فَالتَّنَاقُضُ حَاصِلٌ، وَهَذَا أَخَفُّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا جَرِيرٌ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَقَالَ: إنَّ لِي عَبْدًا آبِقًا، وَإِنَّ رَجُلًا يُسَاوِمنِي بِهِ، أَفَأَبِيعُهُ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّك إذَا رَأَيْته فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْت أَجَزْتَ الْبَيْعَ وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تُجِزْهُ - قَالَ الشَّعْبِيُّ: إذَا أَعْلَمَهُ مِنْهُ مَا كَانَ يَعْلَمُ مِنْهُ جَازَ بَيْعُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَإِنَّ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ رَجُلًا أَبَقَ غُلَامُهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِعْنِي غُلَامَك؟ فَبَاعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ اخْتَصَمَا إلَى شُرَيْحٍ: فَقَالَ شُرَيْحٌ: إنْ كَانَ أَعْلَمَهُ مِثْلَ مَا عَلِمَ فَهُوَ جَائِزٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، قَالَ: أَبَقَ غُلَامٌ لِرَجُلٍ فَعَلِمَ مَكَانَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ، فَخَاصَمَهُ إلَى شُرَيْحٍ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: فَسَمِعْت شُرَيْحًا يَقُولُ لَهُ: أَكُنْت أَعْلَمْتَهُ مَكَانَهُ ثُمَّ اشْتَرَيْتَهُ؟ فَرَدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>