للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ صِحَاحٍ فَلَا رِبَا إلَّا فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورُ بِالْبَيَانِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَحَلَالٌ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْع الْقَمْح بالقمح وَغَيْره مِنْ الصناف بَعْضهَا بِبَعْضِ]

١٤٨٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ قَمْحٌ بِقَمْحٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ يَدًا بِيَدٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ - وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ شَعِيرٌ بِشَعِيرٍ إلَّا كَذَلِكَ.

وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ تَمْرٌ بِتَمْرٍ إلَّا كَذَلِكَ.

وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُبَاعَ مِلْحٌ بِمِلْحٍ إلَّا كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ مَعْدِنِيَّةٌ أَوْ مَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ مِنْ الْمَاءِ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا كَمَا ذَكَرْنَا.

وَكَذَلِكَ أَصْنَافُ الْقَمْحِ فَهِيَ كُلُّهَا قَمْحٌ - الْأَعْلَى، وَالْأَدْنَى، وَالْوَسَطُ: سَوَاءٌ فِيمَا قُلْنَا، وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ الشَّعِيرِ.

وَكَذَلِكَ أَقْسَامُ التَّمْرِ فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ رِبًا حَرَامٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، مَحْكُومٌ فِيهِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ، سَوَاءٌ تَأَخَّرَ طَرْفَةَ عَيْنٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْكَثِيرُ وَالْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ فِيمَا وَصَفْنَا.

وَلَا يَحِلُّ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ نَوْعِهِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَلَا وَزْنًا بِكَيْلٍ، وَلَا جُزَافًا بِجُزَافٍ، وَلَا جُزَافًا بِكَيْلٍ، وَلَا جُزَافًا بِوَزْنٍ، لِأَنَّ كُلَّ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي ذَكَرْنَا، وَمَفْهُومُهُ وَمَوْضُوعُهُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: جَائِزٌ أَنْ يُبَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِمُعَيَّنٍ وَبِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَتَأَخَّرَ التَّقَابُضُ عَنْ وَقْتِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ - وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا يَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: نُبِّئْت أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَامَ يَخْطُبُ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إنَّ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ، وَالدِّينَارَ بِالدِّينَارِ، عَيْنٌ بِعَيْنٍ، سَوَاءً سَوَاءً، مِثْلًا بِمِثْلٍ

فَهَذَا عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لَا يُجِيزُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إلَّا عَيْنًا بِعَيْنٍ، وَيَرَى أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: فَخَالَفُوهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>