للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْنُ نَجِدُ الْمُسْتَقْرِضَ يَقُولُ: أَقْرِضْنِي دِينَارَيْنِ عَلَى أَنْ أَرُدَّ لَك دِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ لَكَانَ قَوْلًا حَسَنًا، وَعَمَلًا صَحِيحًا، فَلَوْ قَالَ لَهُ يَعْنِي دِينَارَيْنِ بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ لَكَانَ قَوْلًا خَبِيثًا، وَعَمَلًا فَاسِدًا، حَرَامًا، وَالْعَمَلُ وَاحِدٌ وَالصِّفَةُ وَاحِدَةٌ وَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا اللَّفْظُ.

وَلَوْ قَالَ امْرُؤٌ لِآخَرَ: أَبِحْنِي وَطْءَ ابْنَتِك بِدِينَارٍ مَا شِئْت؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ لَكَانَ قَوْلًا حَرَامًا: وَزِنًا مُجَرَّدًا، فَلَوْ قَالَ لَهُ: زَوِّجْنِيهَا بِدِينَارٍ، لَكَانَ قَوْلًا صَحِيحًا، وَعَمَلًا صَحِيحًا، وَالصِّفَةُ وَاحِدَةٌ، وَالْعَمَلُ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الِاسْمُ.

وَقَوْلُهُمْ هَذَا جَمَعَ وُجُوهًا مِنْ الْبَلَاءِ، وَأَنْوَاعًا مِنْ الْحَرَامِ: مِنْهَا: تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَشَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، وَبَيْعُ مَا لَا يَحِلُّ وَابْتِيَاعُهُ مَعًا، وَبَيْعُ غَائِبٍ بِنَاجِزٍ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ الرِّبَا وَبَيْعُ الْغَرَرِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مِثْلِ هَذَا.

فَإِنْ قِيلَ: تَقُولُونَ فِيمَا رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوَكْسُهُمَا أَوْ الرِّبَا» وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا شُرَيْحٌ: كَمَا حَدَّثَنَا حُمَامٌ نا عَيَّاشُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نا عَبْدُ الْأَعْلَى نا حَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: شَرْطَيْنِ فِي بَيْعِ أَبِيعُك إلَى شَهْرٍ بِعَشَرَةٍ، فَإِنْ حَبَسْته شَهْرًا فَتَأْخُذُ عَشَرَةً، قَالَ شُرَيْحٌ: أَقَلُّ الثَّمَنَيْنِ، وَأَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ أَوْ الرِّبَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَسَأَلْت أَبِي؟ فَقَالَ: هَذَا بَيْعٌ فَاسِدٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ فَإِنْ حَبَسْته شَهْرًا آخَرَ فَتَأْخُذُ عَشَرَةً أُخْرَى.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَنَقُولُ: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَعْهُودِ الْأَصْلِ، وَقَدْ كَانَ الرِّبَا، وَبَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، وَالشُّرُوطُ فِي الْبَيْعِ: كُلُّ ذَلِكَ مُطْلَقًا غَيْرُ حَرَامٍ إلَى أَنْ حُرِّمَ كُلُّ ذَلِكَ، فَإِذْ حُرِّمَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا فَقَدْ نُسِخَتْ الْإِبَاحَةُ بِلَا شَكٍّ، فَهَذَا خَبَرٌ مَنْسُوخٌ بِلَا شَكٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>