للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ»

قَالَ عَلِيٌّ: وَفِي هَذَا خِلَافٌ قَدِيمٌ وَحَدِيثٌ، نُورِدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ مَا يَسَّرَ لِإِيرَادِهِ، لِيَعْلَمَ مُدَّعِي الْإِجْمَاعِ فِيمَا هُوَ أَخْفَى مِنْ هَذَا أَنَّهُ كَاذِبٌ: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، وَقَالَ مُعَاذٌ: نَا أَبِي ثُمَّ اتَّفَقَ هِشَامٌ، وَهَمَّامٌ، كِلَاهُمَا: عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ: أَنَّ رَجُلًا بَاعَ نَفْسَهُ، فَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَنَّهُ عَبْدٌ كَمَا أَقَرَّ نَفْسَهُ، وَجَعَلَ ثَمَنَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا لَفْظُ هَمَّامٍ وَأَمَّا لَفْظُ هِشَامٍ فَإِنَّهُ أَقَرَّ لِرَجُلٍ حَتَّى بَاعَهُ، وَاتَّفَقَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ فِي كِلَا اللَّفْظَيْنِ وَلَا بُدَّ.

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: إذَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ فَهُوَ عَبْدٌ.

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ نا الْمُغِيرَةُ بْنُ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِيمَنْ سَاقَ إلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا حُرًّا؟ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ: هُوَ رَهْنٌ بِمَا جَعَلَ فِيهِ حَتَّى يَفْتَكَّ نَفْسَهُ.

وَعَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَاضِي الْبَصْرَةِ مِنْ التَّابِعِينَ: أَنَّهُ بَاعَ حُرًّا فِي دَيْنٍ.

وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَهِيَ قَوْلَةٌ غَرِيبَةٌ لَا يَعْرِفُهَا مِنْ أَصْحَابِهِ إلَّا مَنْ تَبَحَّرَ فِي الْحَدِيثِ وَالْآثَارِ.

قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا قَضَاءُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَا يَعْتَرِضُهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ مُعْتَرِضٌ، فَإِنْ شَنَّعُوا هَذَا؟ قُلْنَا: يَا هَؤُلَاءِ لَا عَلَيْكُمْ، وَاَللَّهِ لَقَدْ قُلْتُمْ بِأَشْنَعَ مِنْ هَذَا وَأَشَدَّ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا.

أَلَيْسَ الْحَنَفِيُّونَ يَقُولُونَ: إنْ ارْتَدَّ الْحَسَنِيُّ، أَوْ الْحُسَيْنِيُّ، أَوْ الْعَبَّاسِيُّ، أَوْ الْمَنَافِيُّ، أَوْ الْقُرَشِيُّ، فَلَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ فَإِنْ وُلِدَ وَلَدُهُ يُسْتَرَقُّونَ، وَإِنْ أَسْلَمُوا كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>