للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبِيدًا، وَأَنَّ الْقُرَشِيَّةَ إنْ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ سُبِيَتْ وَأُرِقَّتْ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً تُبَاحُ وَيُسْتَحَلُّ فَرْجُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ تُرِكَتْ عَلَى كُفْرِهَا، وَجَازَ أَنْ يَسْتَرِقَّهَا الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ؟ أَوَ لَيْسَ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبَ مَالِكٍ يَقُولُ: إنْ تَذَمَّمَ أَهْلُ الْحَرْبِ وَفِي أَيْدِيهِمْ أَسْرَى مُسْلِمُونَ، وَمُسْلِمَاتٌ أَحْرَارٌ، وَحَرَائِرُ، فَإِنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَبِيدًا لَهُمْ وَإِمَّا يَتَمَلَّكُونَهُمْ وَيَتَبَايَعُونَهُمْ، فَأُفٍّ لِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَتُفٍّ، فَأَيُّهُمَا أَشْنَعُ مِمَّا لَمْ يُقَلِّدُوا فِيهِ عُمَرَ، وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ مَنْ صَارَ حُرًّا بِعِتْقٍ، أَوْ بِأَنْ كَانَ ابْنَ حُرٍّ مِنْ أَمَةٍ لَهُ، أَوْ بِأَنْ حَمَلَتْ بِهِ حُرَّةٌ، أَوْ بِأَنْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ الْمُعْتِقُ، فَإِنَّ الْحُرِّيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ، فَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِ، وَلَا عَمَّنْ تَنَاسَلَ مِنْهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلَى هَذِهِ السَّبِيلِ مِنْ الْوِلَادَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَبَدًا، لَا بِأَنْ يَرْتَدَّ، وَلَا بِأَنْ تَرْتَدَّ، وَلَا بِأَنْ يُسْبَى، وَلَا بِأَنْ يَرْتَدَّ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ وَإِنْ بَعُدَ، أَوْ جَدَّتُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ وَلَا بِلَحَاقِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ أَحَدِ أَجْدَادِهِ، أَوْ جَدَّاتِهِ أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا: وَلَا بِإِقْرَارِهِ بِالرِّقِّ، وَلَا بِدَيْنٍ، وَلَا بِبَيْعِهِ نَفْسِهِ، وَلَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَقَدْ جَاءَ أَثَرٌ بِأَنَّ الْحُرَّ كَانَ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ إلَى أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْع أمة حملت مِنْ سيدها]

١٥٢١ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ أَمَةٍ حَمَلَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، لِمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُصْعَبُ بْنُ سَعِيدٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا وَلَدَتْ مَارِيَةُ إبْرَاهِيمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحُ السَّنَدِ وَالْحُجَّةُ بِهِ قَائِمَةٌ.

فَإِنْ قِيلَ: الثَّابِتُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلُ بِجَوَازِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَهَذَا الْخَبَرُ مِنْ رِوَايَتِهِ، فَمَا كَانَ لِيَتْرُكَ مَا رُوِيَ إلَّا لِضَعْفِهِ عِنْدَهُ، وَلِمَا هُوَ أَقْوَى عِنْدَهُ؟ قُلْنَا: لَسْنَا نُعَارَضُ - مَعْشَرَ الظَّاهِرِيِّينَ - بِهَذَا الْغُثَاءِ مِنْ الْقَوْلِ، وَلَا يَعْتَرِضُ بِهَذَا عَلَيْنَا إلَّا ضِعَافُ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَنَا فِي الرِّوَايَةِ، لَا فِي الرَّأْيِ، يُعَارِضُ بِهَذَا مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ إذَا عُورِضَ بِالسُّنَنِ الثَّابِتَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>