للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهَا مِنْ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ بِالتَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ، مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا، وَاَلَّذِينَ لَا يُبَالُونَ بِأَنْ يَدَّعُوا هَهُنَا الْإِجْمَاعَ ثُمَّ لَا يُبَالُونَ بِأَنْ يَجْعَلُوا: ابْنَ مَسْعُودٍ، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، مُخَالِفِينَ لِلْإِجْمَاعِ فَهَذِهِ صِفَةُ عِلْمِهِمْ بِالسُّنَنِ، وَهَذَا مِقْدَارُ عِلْمِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

١٥٢١ - مَسْأَلَةٌ:

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إذَا وَقَعَ مَنِيُّ السَّيِّدِ فِي فَرْجِ أَمَتِهِ فَأَمْرُهَا مُتَرَقَّبٌ، فَإِنْ بَقِيَ حَتَّى يَصِيرَ خَلْقًا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَلَدٌ فَهِيَ حَرَامٌ بَيْعُهَا مِنْ حِينِ سُقُوطِ الْمَنِيِّ فِي فَرْجِهَا وَيُفْسَخُ بَيْعُهَا إنْ بِيعَتْ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ خَلْقًا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَلَدٌ، فَلَمْ يَحْرُمْ بَيْعُهَا قَطُّ.

وَبُرْهَانُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَكَانَ بَيْعُهَا حَلَالًا، لَوْ كَانَ بَيْعُهَا حَلَالًا لَحَلَّ فَرْجُهَا لِمُشْتَرِيهَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْمَنِيُّ وَلَدًا وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ الْمَذْكُورِ.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَيِّتِ إثْرَ كَوْنِ مَنِيِّهِ فِي فَرْجِ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ أَيْضًا، فَإِنْ وُلِدَ حَيًّا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ مِيرَاثُهُ بِمَوْتِ أَبِيهِ، وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ قَطُّ مِيرَاثٌ، إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ هَذَا لَمَا حَدَثَ لَهُ حَقٌّ فِي مِيرَاثٍ قَدْ اسْتَحَقَّهُ غَيْرُهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْعُ الْهَوَاءِ]

١٥٢٢ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الْهَوَاءِ أَصْلًا، كَمَنْ بَاعَ مَا عَلَى سَقْفِهِ وَجُدْرَانِهِ لِلْبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ، فَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْهَوَاءَ لَا يَسْتَقِرُّ فَيُضْبَطُ بِمِلْكٍ أَبَدًا، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَمَوِّجٌ يَمْضِي مِنْهُ شَيْءٌ وَيَأْتِي آخَرُ أَبَدًا، فَكَانَ يَكُونُ بَيْعُهُ أَكْلَ مَالٍ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إمْسَاكِهِ، فَهُوَ بَيْعُ غَرَرٍ، وَبَيْعُ مَا لَا يَمْلِكُ، وَبَيْعُ مَجْهُولٍ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا بِيعَ الْمَكَانُ لَا الْهَوَاءُ؟ قُلْنَا: لَيْسَ هُنَاكَ مَكَانٌ أَصْلًا غَيْرَ الْهَوَاءِ، فَلَوْ كَانَ مَا قُلْتُمْ لَكَانَ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ عَدَمٌ، فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ حَقًّا.

فَإِنَّ قِيلَ: إنَّمَا بَاعَ سَطْحَ سَقْفِهِ وَجُدْرَانِهِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>