للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَتْ جُمْلَةٌ عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا وَكَذَا مِنْ الْكَيْلِ، أَوْ مِنْ الْوَزْنِ، أَوْ مِنْ الذَّرْعِ، أَوْ مِنْ الْعَدَدِ، فَهُوَ جَائِزٌ - فَإِنْ وُجِدَتْ كَذَلِكَ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ بَيْعَهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ كَيْلٍ مَذْكُورٍ مِنْهَا بِكَذَا، أَوْ كُلَّ وَزْنٍ بِكَذَا، أَوْ كُلَّ ذَرْعٍ بِكَذَا، أَوْ كُلَّ وَاحِدٍ بِكَذَا، بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لَا يَدْرِي الْبَائِعُ مَا يَجِبُ لَهُ، وَلَا الْمُشْتَرِي مَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] وَالتَّرَاضِي لَا يُمْكِنُ إلَّا فِي مَعْلُومٍ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، وَبَيْعُ غَرَرٍ.

وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، فَإِذَا خَرَجَ كُلُّ ذَلِكَ إلَى حَدِّ الْعِلْمِ مِنْهُمَا مَعًا، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ حِينَ عَقْدِهِ، وَيَصِحَّ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَ لَمْ يَتَعَاقَدَاهُ، وَلَا الْتَزَمَاهُ، فَإِذَا عَلِمَا جَمِيعًا قَدْرَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ تَرَاضٍ صَحِيحٌ لَا غَرَرَ فِيهِ.

فَإِنْ بِيعَتْ الْجُمْلَةُ هَكَذَا فَهُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مَرْئِيٍّ مُحَاطٍ بِثَمَنٍ مَعْرُوفٍ، فَهُوَ تَرَاضٍ صَحِيحٌ لَا غَرَرَ فِيهِ، فَإِنْ بِيعَتْ الْجُمْلَةُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، فَهَذَا بَيْعٌ بِصِفَةٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ وُجِدَ كَمَا عُقِدَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَإِنَّمَا وُجِدَ غَيْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُعْقَدْ قَطُّ عَلَى الَّذِي وُجِدَ، فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: إذَا قُلْت: أَبْتَاعُ مِنْك مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا بَلَغَ، كُلُّ جُزْءٍ كَذَا بِكَذَا، فَهُوَ بَيْعٌ مَكْرُوهٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا بَاعَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْهَا إلَّا قَفِيزٌ وَاحِدٌ بِدِرْهَمٍ فَقَطْ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يَلْزَمُهُ كُلُّهَا كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ - وَهَذَانِ رَأْيَانِ فَاسِدَانِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَهِبَتُهُ]

١٥٢٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَلَا هِبَتُهُ -: لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، كُلِّهِمْ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>