للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ: فَصَحَّ أَنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ لَازِمٌ لَهُ، وَأَنَّ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ مِنْ دَفْعِ الْمَالِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْبَاطِلُ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ، فَهُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِهِ، كَمَا كَانَ يَقْضِي لَهُ بِهِ مَتَى قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَأْخُذُهُ مِنْ الظَّالِمِ، وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْكَافِرِ، مَتَى أَمْكَنَهُ، أَوْ مَتَى وَجَدَهُ فِي مَغْنَمٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ، مِنْ يَدِ مَنْ وَجَدَهُ فِي يَدِهِ، مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الْكَافِرِ، لَوْ تَذَمَّمَ، أَوْ أَسْلَمَ أَبَدًا - هَذَا إذَا وَجَدَ ذَلِكَ الْمَالَ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ كَمَا كَانَ، وَلَا يُطْلَبُ الْكَافِرُ بِغَيْرِهِ بَدَلًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ أَوْ تَذَمَّمَ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِمَا سَلَفَ مِنْ ظُلْمٍ أَوْ قَتْلٍ.

وَأَمَّا الْمُسْلِمُ الظَّالِمُ فَيَتْبَعُهُ بِهِ أَبَدًا، أَوْ بِمِثْلِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ خَارِجِيًّا أَوْ مُحَارِبًا، أَوْ بَاغِيًا، أَوْ سُلْطَانًا، أَوْ مُتَغَلِّبًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - يَقُولُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] .

[مَسْأَلَة بَيْع الْحَيَوَان]

١٥٣١ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الْحَيَوَانِ إلَّا لِمَنْفَعَةٍ، إمَّا لِأَكْلٍ، وَإِمَّا لِرُكُوبٍ، وَإِمَّا لِصَيْدٍ، وَإِمَّا لِدَوَاءٍ.

فَإِنْ كَانَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ، وَلَا مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ مِنْ الْبَائِعِ.

فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، أَوْ لِغَيْرِهِ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ عَنْ تَرَاضٍ، {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] وَلَيْسَ إضَاعَةَ مَالٍ، وَلَا أَكْلَ مَالٍ بِالْبَاطِلِ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة الْبَيْع مِنْ غَيْر تَسْمِيَة الثَّمَن]

١٥٣٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ مُسَمًّى، كَمَنْ بَاعَ بِمَا يَبْلُغُ فِي السُّوقِ، أَوْ بِمَا اشْتَرَى فُلَانٌ، أَوْ بِالْقِيمَةِ، فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ غَرَرٍ، وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ التَّرَاضِي، وَلَا يَكُونُ التَّرَاضِي إلَّا بِمَعْلُومِ الْمِقْدَارِ، وَقَدْ يَرْضَى؛ لِأَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ يَبْلُغُ ثَمَنًا مَا فَإِنْ بَلَغَ أَكْثَرَ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ بَلَغَ أَقَلَّ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ.

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: مَنْ بَاعَ بِالرِّبْحِ، أَوْ بِالْكَعْبَةِ، أَوْ بِلَا ثَمَنٍ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ، فَإِنْ بَاعَ بِالْمَيْتَةِ، أَوْ بِالدَّمِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا.

وَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لَهُ - وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ بَائِعِهِ - فَإِنْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ لَمْ يُسَمِّيَاهُ، أَوْ بَاعَهُ بِخَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ فَقَبَضَهُ بِإِذْنِ بَائِعِهِ فَأَعْتَقَهُ: جَازَ عِتْقُهُ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>