للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ حَقِّهِ فَلَمْ يَرْضَ فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ أَمْرِ اللَّهِ - تَعَالَى -، فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ إلَّا حَيْثُ أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِالْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كَالشُّفْعَةِ، وَعَلَى الْغَائِبِ، وَعَلَى الصَّغِيرِ، وَعَلَى الظَّالِمِ.

وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِإِجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ شَرِيكِهِ بِخَبَرٍ رُوِيَ فِيهِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَهَذَا خَبَرٌ لَمْ يَصِحَّ قَطُّ، إنَّمَا جَاءَ مُرْسَلًا، أَوْ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى - وَهُوَ مَجْهُولٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ أَعْظَمَ الضِّرَارِ وَالضَّرَرِ: هُوَ الَّذِي فَعَلُوهُ مِنْ إجْبَارِهِمْ إنْسَانًا عَلَى بَيْعِ مَالِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَبِغَيْرِ أَنْ يُوجِبَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَمَا أَبَاحَ اللَّهُ - تَعَالَى - قَطُّ أَنْ يُرَاعَى رِضَا أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِإِسْخَاطِ شَرِيكِهِ فِي مَالِهِ نَفْسِهِ، وَهَذَا هُوَ الْجَوْرُ وَالظُّلْمُ الصُّرَاحُ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُجَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَى قَوْلِهِ: لَا بُدَّ أَنْ يَبِيعَ شَرِيكِي مَعِي لِأَسْتَجْزِلَ الثَّمَنَ فِي حِصَّتِي، وَبَيْنَ أَنْ يُجَابَ الْآخَرُ إلَى قَوْلِهِ: لَا بُدَّ أَنْ يُمْنَعَ شَرِيكِي مَعَ بَيْعِ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيَّ فِي حِصَّتِي، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ عُدْوَانٌ وَظُلْمٌ، لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ كِلَيْهِمَا مُمَكَّنٌ مِنْ حِصَّتِهِ، مَنْ شَاءَ بَاعَ حِصَّتَهُ وَمَنْ شَاءَ أَمْسَكَ حِصَّتَهُ.

وَقَدْ مَوَّهُوا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ نا أَبُو بِشْرٍ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: «أَنَّ نَخْلَةً كَانَتْ لِإِنْسَانٍ فِي حَائِطِ آخَرَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، فَأَبَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا ضَرَرَ فِي الْإِسْلَامِ» وَهَذَا مُرْسَلٌ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، لِأَنَّنَا نَقُولُ لَهُمْ نَعَمْ، وَهَذَا مَنْعٌ مِنْ أَنْ يُجْبَرَ الْآخَرُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ شَرِيكِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ -: فَهَذَانِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ.

وَذَكَرُوا أَيْضًا: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْعَتَكِيُّ نا حَمَّادٌ نا

<<  <  ج: ص:  >  >>