للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَاسُ أَنْ يُبَاعَ الْمُدَبَّرُ كَمَا يُبَاعُ الْآخَرَانِ، وَلَكِنْ لَا النُّصُوصَ يَتَّبِعُونَ، وَلَا الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ.

وَمِمَّنْ صَحَّ عَنْهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَا جَمِيعًا: الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ.

وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، قَالَ: سَأَلَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ الْمُدَبَّرِ كَيْفَ كَانَ قَوْلُ أَبِي فِيهِ، أَيَبِيعُهُ صَاحِبُهُ؟ فَقُلْت: كَانَ أَبِي يَقُولُ: يَبِيعُهُ إنْ احْتَاجَ فَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَعُودَ الرَّجُلُ فِي عَتَاقَتِهِ - قَالَ عَمْرٌو: يَعْنِي التَّدْبِيرَ.

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْمُدَبَّرُ وَصِيَّةٌ يَرْجِعُ فِيهِ إذَا شَاءَ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ: يُعَادُ فِي الْمُدَبَّرِ، وَفِي كُلِّ وَصِيَّةٍ - وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَعَطَاءٍ: كَرَاهِيَةَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ يَبِيعُهُ الْجَرِيءُ، وَيَرَعُ عَنْهُ الْوَرِعُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بَلْ يَبِيعُهُ الْوَرِعُ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقِفُ عَنْهُ الْجَاهِلُ، وَتَاللَّهِ مَا تُخَافُ تَبِعَةٌ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي أَمْرٍ لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ فِي كِتَابِهِ وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ نَخَافُ التَّبِعَةَ مِنْهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي تَحْرِيمِنَا مَا لَمْ يُفَصِّلْ لَنَا تَحْرِيمَهُ، أَوْ فِي تَوَقُّفِنَا فِيهِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ هَذَا.

قَالَ - تَعَالَى -: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] .

وَبَيْعُ الْمُدَبَّرِ مِمَّا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَلَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ حَرَجًا مِمَّا قَضَى فِيهِ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>