للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة بَيْعُ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا]

مَسْأَلَةٌ: وَبَيْعُ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا - حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ أَوْ بَعْدَهُ - حَلَالٌ - وَبَيْعُ مَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ قَبْلَ أَنْ تُكَاتَبَ وَبَعْدَ أَنْ كُوتِبَتْ مَا لَمْ تُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهَا: حَلَالٌ -.

وَبَيْعُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ: حَلَالٌ.

هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، إلَّا مَا حَمَلَتْ بِهِ الْمُدَبَّرَةُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ.

وَأَمَّا مَا وَلَدَتْ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ: فَحَرَامٌ بَيْعُهُ، وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ أُمِّهِ.

وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - حُكْمَ مَا حَمَلَتْ بِهِ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ أَنْ تُؤَدِّيَ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهَا فِي " كِتَابِ الْمُكَاتَبِ " مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.

بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ الَّتِي تَحْمِلُ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ: هُوَ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَةٍ جَائِزٌ بَيْعُهَا، فَهُوَ عَبْدٌ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ عَبْدٌ -.

وَرُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِنَا هَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: أَوْلَادُ الْمُدَبَّرَةِ لَا عِتْقَ لَهُمْ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: وَابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَطَاءٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: أَوْلَادُ الْمُدَبَّرَةِ عَبِيدٌ، وَأَمَّا مَا حَمَلَتْ بِهِ ثُمَّ أَدْرَكَهَا الْعِتْقُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَهُ فَهُوَ حُرٌّ مَعَهَا مَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ السَّيِّدُ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ: مِنْ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهَا فَهُوَ تَبَعٌ لَهَا.

وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِمْ بِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ عُثْمَانَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ - وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدٍ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافَهُمْ لِطَوَائِفَ مِنْ الصَّحَابَةِ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ، كَاَلَّذِي صَحَّ عَنْ عُثْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لِدَارٍ وَاشْتِرَاطَ سُكْنَاهَا مُدَّةَ عُمُرِ الْبَائِعِ، وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>