للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِوُجُوهٍ -: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ كَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ كَإِجْبَارِهِ بَنِي عَمٍّ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى ابْنِ عَمِّهِمْ، وَكَعِتْقِهِ كُلَّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ إذَا مَلَكَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ؛ لِأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ إلَّا نَعْيَهُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقْرِنٍ فَقَطْ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانُوا قَدْ أَخْطَئُوا فِيهِ عَلَى عُمَرَ، فَتَأَوَّلُوهُ بِمَا لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بِذَلِكَ لَوْ صَحَّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ إمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ، يُرِيدُ أَنْ تَبِيعَ مِنْ الْمَكَايِيلِ أَكْثَرَ مِمَّا تَبِيعُ بِهَذَا الثَّمَنِ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمْ - هَذَا الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِعُمَرَ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ مُبَيَّنًا.

كَمَا رُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَبِيعُ الزَّبِيبَ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: كَيْفَ تَبِيعُ يَا حَاطِبٌ؟ فَقَالَ: مُدَّيْنِ، فَقَالَ عُمَرُ: تَبْتَاعُونَ بِأَبْوَابِنَا، وَأَفْنِيَتِنَا، وَأَسْوَاقِنَا، تَقْطَعُونَ فِي رِقَابِنَا. ثُمَّ تَبِيعُونَ كَيْفَ شِئْتُمْ، بِعْ صَاعًا، وَإِلَّا فَلَا تَبِعْ فِي أَسْوَاقِنَا، وَإِلَّا فَسِيبُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ اجْلِبُوا ثُمَّ بِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ.

فَهَذَا خَبَرُ عُمَرَ مَعَ حَاطِبٍ فِي الزَّبِيبِ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُظَنَّ بِعُمَرَ.

فَإِنْ قَالُوا: فِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ؟ قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، بَلْ فِي قَوْلِكُمْ أَنْتُمْ الضَّرَرُ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ كُلِّهِمْ، وَعَلَى الْمَسَاكِينِ، وَعَلَى هَذَا الْمُحْسِنِ إلَى النَّاسِ، وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ السُّوقِ؛ لِأَنَّهُمْ إنْ شَاءُوا أَنْ يُرَخِّصُوا كَمَا فَعَلَ هَذَا فَلْيَفْعَلُوا، وَإِلَّا فَهُمْ أَمْلَكُ بِأَمْوَالِهِمْ كَمَا هَذَا أَمْلَكُ بِمَالِهِ.

وَالْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ فِي هَذَا قَوْلُ اللَّهِ - تَعَالَى -: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] وقَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .

[مَسْأَلَة ابْتَاعَ سِلْعَة فِي السوق فَأَرَادَ أَهْلُ السُّوقِ أَنْ يشاركوه فِيهَا]

١٥٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُشْرِكُهُ فِيهَا أَهْلُ تِلْكَ السُّوقِ، وَهِيَ لِمُشْتَرِيهَا خَاصَّةً - وَهُوَ قَوْلُ النَّاسِ.

وَقَالَ الْمَالِكِيُّونَ: يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُشْرِكُوهُ فِيهَا، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرَهُمْ وَهُوَ ظُلْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>