للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبْقَائِهِ بِهِ كَذَلِكَ، أَوْ رَدِّهِ مِنْ الْآنَ، لَا بِإِبْطَالِ الْمِلْكِ الْمُتَقَدِّمِ لِلرَّدِّ أَصْلًا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

وَعَهْدُنَا بِهِمْ يُصَحِّحُونَ الْخَبَرَ الْفَاسِدَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَيَحْتَجُّونَ بِهِ فِي الْغُصُوبِ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدْ خَالَفُوهُ هَهُنَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ كَانَ لِآخَرَ عِنْدَهُ حَقٌّ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ]

١٥٩٢ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ كَانَ لِآخَرَ عِنْدَهُ حَقٌّ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ ذَرْعٍ، فَالْوَزْنُ وَالْكَيْلُ وَالذَّرْعُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ.

وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ شَيْءٌ بِصِفَةٍ مِنْ سَلَمٍ، أَوْ صَدَاقٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَالتَّقْلِيبُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَوْجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يُوفِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَنْ هُوَ لَهُ عَلَيْهِ وَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَمَنْ كَانَ حَقُّهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ ذَرْعًا أَوْ عَدَدًا مَوْصُوفًا بِطِيبٍ، أَوْ بِصِفَةٍ مَا فَعَلَيْهِ إحْضَارُ مَا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ عَلَيْهِ - وَلَا شَيْءَ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ، إنَّمَا الْحَقُّ لَهُ وَلَا حَقَّ عَلَيْهِ.

وَقَالَ - تَعَالَى -: {أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [هود: ٨٥] .

وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: ٣٥] وَقَالَ - تَعَالَى -: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٩] فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ - تَعَالَى -: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: ١] {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: ٢] {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: ٣] قُلْنَا: نَعَمْ، هَذَا هُوَ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - جَعَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ عَلَى الَّذِينَ عَلَيْهِمْ الْحَقُّ، وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَى إخْسَارِ ذِي الْحَقِّ، وَعَلَى التَّطْفِيفِ، وَلَيْسَ فِي إخْبَارِهِ - تَعَالَى - بِأَنَّهُمْ إذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ يَكْتَالُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي لَهُمْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَكِيلُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ - تَعَالَى - إنَّمَا ذَكَرَ اسْتِيفَاءَهُمْ مَا لَهُمْ مِنْ الْكَيْلِ فَقَطْ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَكُونُ بِكَيْلِ كَائِلٍ مَا، فَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ - وَصَحَّ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: ٣] أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ هُوَ يَكِيلُ وَيَزِنُ، وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْإِخْسَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>