للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُمْضِ ذَلِكَ الْعَقْدَ، بَلْ أَبْطَلَهُ، فَصَحَّ أَنَّهُ انْعَقَدَ فَاسِدًا فَلَزِمَهُ رَدُّ الْغَلَّةِ، وَإِنْ تَرَكَ الْأَخْذَ فَقَدْ أَجَازَهُ، فَصَحَّ أَنَّهُ انْعَقَدَ جَائِزًا.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِيذَانُ فَلَمْ يَأْتِ النَّصُّ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ، وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ، إلَّا أَنَّ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذَ أَوْ التَّرْكَ، فَإِنْ أَخَذَ فَحِينَئِذٍ بَطَلَ الْعَقْدُ، لَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَالْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي هَاهُنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة مِنْ تجب لَهُ الشُّفْعَة]

١٥٩٩ - مَسْأَلَةٌ: وَالشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ لِلْبَدْوِيِّ، وَلِلسَّاكِنِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ، وَلِلْغَائِبِ، وَلِلصَّغِيرِ إذَا كَبُرَ، وَلِلْمَجْنُونِ إذَا أَفَاقَ، وَلِلذِّمِّيِّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ» وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ السَّلَفِ: لَا شُفْعَةَ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا شُفْعَةَ لِمَنْ لَا يَسْكُنُ الْمِصْرَ، وَلَا لِلذِّمِّيِّ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا شُفْعَةَ لِذِمِّيٍّ.

وَقَالَ النَّخَعِيُّ: لَا شُفْعَةَ لِغَائِبٍ، وَقَالَهُ أَيْضًا الْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، قَالَا: إلَّا الْقَرِيبَ الْغَيْبَةِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا شُفْعَةَ لِصَغِيرٍ وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حُجَّةً أَصْلًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَإِنْ تَرَكَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ، أَوْ الْمَجْنُونِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُمَا لَزِمَهُمَا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ النَّصِيحَةِ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ لَيْسَ نَظَرًا لَهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا، وَلَهُمَا الْأَخْذُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ غِشِّهِمَا

[مَسْأَلَة بَيْع الشِّقْص بِعَرْضِ أَوْ بعقار]

١٦٠٠ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ بَاعَ الشِّقْصَ بِعَرَضٍ، أَوْ بِعَقَارٍ لَمْ يَجُزْ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ إلَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَقَارِ، أَوْ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَرَضِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا فَالْمَطْلُوبُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَلْزَمَهُ قِيمَةُ الْعَرَضِ أَوْ الْعَقَارِ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الشِّقْصَ وَيَلْزَمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَقَارِ، أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَرَضِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِذَلِكَ الْعَرَضِ أَوْ ذَلِكَ الْعَقَارِ، وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَخْذُ الشِّقْصِ إلَّا بِمَا رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ سَوَاءٌ عَرَضَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ، هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؛ فَلَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْبَائِعِ عَلَى أَخْذِ غَيْرِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ تَعَيَّنَ لَهُ قِبَلَهُ عَرَضٌ أَوْ عَقَارٌ عَجَزَ عَنْهُ، وَقَالَ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>