للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ -: أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ السَّلَمَ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَهُمَا بَعْدُ سُنْبُلٌ لَمْ يَشْتَدَّ وَأَمَّا بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ عِنْدَ الْحَنَفِيِّينَ وَعِنْدَنَا لَيْسَ بَيْعًا - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ جُمْلَةً.

وَلَوْ كَانَ بَيْعًا لَمَا حَلَّ، «لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» لَا لِمَنْ هُوَ عِنْدَهُ حِينَ السَّلَمِ - فَإِنْ خَصُّوا السَّلَمَ مِنْ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: فَخَصُّوهُ مِنْ جُمْلَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِيهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَحَكَّمْتُمْ فِي الْبَاطِلِ.

وَمَوَّهُوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ نَجْرَانِيٍّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُسْلِفُوا فِي النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» .

وَحَدَّثَنَا حُمَامُ نا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبُغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي نا أَبُو حُذَيْفَةَ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ النَّجْرَانِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُسْلَفَ فِي ثَمَرَةِ نَخْلٍ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ» النَّجْرَانِيُّ عَجَبٌ مَا كَانَ لِيَعْدُوَهُمْ حَدِيثُ النَّجْرَانِيِّ، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً.

فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا عَلَى ثَمَرَةِ النَّخْلِ؟ قُلْنَا: وَهَلَّا قِسْتُمْ عَلَى السَّائِمَةِ غَيْرَ السَّائِمَةِ، ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ مَا قَالُوهُ مِنْ تَمَادِي وُجُودِهِ إلَى حِينِ أَجَلِهِ.

وَأَمَّا السَّلَمُ إلَى مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ شَيْئًا إلَى أَجَلٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعِكْرِمَةُ، وَطَاوُسٌ، وَابْنُ سِيرِينَ - فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ الْآثَارِ.

وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ عَمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ: نا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ - نا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرو هُوَ ابْنُ مُرَّةَ - عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ؟ فَقَالَ: " نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَصْلُحَ وَسَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السَّلَمِ فِي النَّخْلِ؟ فَقَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُؤْكَلَ مِنْهُ»

<<  <  ج: ص:  >  >>