للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: هَذَا حُكْمُ إبْلِيسَ؟ وَهَلَّا قُلْتُمْ: لَمَّا جَازَ الْقَوَدُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَأَخِيهِ جَازَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَوَلَدِهِ؟ فَكَانَ أَصَحَّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا مَا مَوَّهُوا بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ثُمَّ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ قَدْ أَوْرَدْنَاهُ بِخِلَافِ مَا أَوْرَدُوهُ.

وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، مَنْ نَحَلَ وَلَدَهُ نُحْلًا، فَنَحْنُ لَمْ نَمْنَعْ نُحْلَ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا الْمُفَاضَلَةَ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا إبَاحَةُ الْمُفَاضَلَةِ، كَمَا لَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ وَلَا فَرْقَ.

وَقَدْ صَحَّ عَنْهُمَا الْمَنْعُ مِنْهَا، كَمَا أَوْرَدْنَا.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَلَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَنْحَلْ الْآخَرِينَ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ فِيهَا أَنَّهُ قَالَ: وَاقِدٌ ابْنِي مِسْكِينٌ، فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَحَلَهُ بَعْدُ كَمَا نَحَلَ إخْوَتَهُ، فَأَلْحَقهُ بِهِمْ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ، عَلَى أَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَهُوَ سَاقِطٌ.

وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هِيَ أَيْضًا مُنْقَطِعَةٌ، ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ فَلَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يُسَوِّ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ بَيْنَهُمْ، فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا النَّفَقَاتُ الْوَاجِبَاتُ: فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» إيجَابٌ لَأَنْ يُنْفِقَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَا لَا قَوَامَ لَهُ إلَّا بِهِ، وَمَنْ تَعَدَّى هَذَا فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمْ.

وَكَذَلِكَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إيجَابٌ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْمَوَارِيثِ فِي شَيْءٍ، وَلِكُلِّ نَصٍّ حُكْمُهُ، وَلَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ فِي غَيْرِ الْأَوْلَادِ، إذَا لَمْ يَأْتِ النَّصُّ إلَّا فِيهِمْ.

وَأَمَّا وَلَدُ الْوَلَدِ: فَلَا خِلَافَ فِيهِمْ، وَقَدْ كَانَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنُو بَنِينَ وَبَنُو بَنَاتٍ فَلَمْ يُوجِبْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إعْطَاءَهُمْ وَلَا الْعَدْلَ فِيهِمْ.

وَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ أَنْ وُهِبَ هِبَةً لَا مُحَابَاةَ فِيهَا فَقَدْ صَارَتْ لِوَرَثَتِهِ وَبَطَلَ أَمْرُ الْأَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>