للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَا وَجَبَ أَنْ يُتَشَاغَلَ بِهِ وَلَقَطَعْنَا بِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، كَسُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، وَضُرَبَائِهِ.

وَنَحْنُ نَبُتُّ وَنَقْطَعُ بِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَنْدَمْ عَلَى قَبُولِهِ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا اخْتَارَهُ لَهُ فِي تَحْبِيسِ أَرْضِهِ وَتَسْبِيلِ ثَمَرَتِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] .

وَلَيْتَ شِعْرِي إلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَصْرِفُ عُمَرُ تِلْكَ الصَّدَقَةِ لَوْ تَرَكَ مَا أَمَرَهُ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا.

حَاشَ لِعُمَرَ مِنْ هَذَا.

وَزَادُوا طَامَّةً، وَهِيَ أَنْ شَبَّهُوا هَذَا بِتَنَدُّمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إذْ لَمْ يَقْبَلْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ؟ وَهَلْ يَنْدَمُ عَبْدُ اللَّهِ إلَّا عَلَى مَا يَحِقُّ التَّنَدُّمَ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِهِ الْأَمْرَ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ مَرَّةٍ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَشُورَةِ الْأَخِيرَةِ - وَهَذَا ضِدُّ مَا نَسَبُوا إلَى عُمَرَ مِمَّا وَضَعَهُ عَلَيْهِ مَنْ لَا يُسْعِدُ اللَّهَ جَدَّهُ مِنْ رَغْبَتِهِ عَنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً لَا نَدْرِي إلَى مَاذَا؟ فَوَضَحَ فَسَادُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْمَحْرُومِينَ جُمْلَةً - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: جَائِزٌ أَنْ يُسَبِّلَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَنْ شَاءَ، فَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهَا» .

وَقَالَ لِعُمَرَ «تَصَدَّقْ بِالثَّمَرَةِ» فَصَحَّ بِهَذَا جَوَازُ صَدَقَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى مَنْ شَاءَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَغَيْرُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَة لَا يُبْطِلُ الْحَبْسَ تَرْكُ الْحِيَازَةِ]

١٦٥٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُبْطِلُ الْحَبْسَ تَرْكُ الْحِيَازَةِ، فَإِنْ اسْتَغَلَّهُ الْمُحْبِسُ وَلَمْ يَكُنْ سَبَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، كَالْغَصْبِ، وَلَا يَحِلُّ إلَّا فِيمَا أَبْقَى غِنًى وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْمُشَاعِ وَغَيْرِ الْمُشَاعِ - فِيمَا يَنْقَسِمُ وَفِيمَا لَا يَنْقَسِمُ - وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي كَلَامِنَا فِي " الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ كَثِيرًا.

[مَسْأَلَة التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَلَدِ فَرْضٌ فِي الْحَبْسِ]

١٦٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْوَلَدِ فَرْضٌ فِي الْحَبْسِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ» فَإِنْ خَصَّ بِهِ بَعْضَ بَنِيهِ، فَالْحَبْسُ صَحِيحٌ وَيَدْخُلُ سَائِرُ الْوَلَدِ فِي الْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى مَعَ الَّذِي خَصَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>