للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» . وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا عُقِدَتْ الْكِتَابَةُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّتْ الْكِتَابَةُ. قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا غَايَةُ الْخَطَأِ، لِأَنَّهُ يُلْزِمُهُمَا عَقْدًا لَمْ يَلْتَزِمَاهُ قَطُّ، وَلَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلْزَامِهِمَا إيَّاهُ، وَإِنَّمَا تَرَاضَيَا الْكِتَابَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَإِلَّا فَلَا كِتَابَةَ بَيْنَهُمَا، فَإِمَّا أَنْ يَصِحَّ شَرْطُهُمَا فَتَصِحَّ كِتَابَتُهُمَا، وَإِمَّا أَنْ يَبْطُلَ الشَّرْطُ فَلَا كِتَابَةَ هَاهُنَا أَصْلًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ كَاتَبَ عَلَى ثَوْبٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ عَلَى مَيْتَةٍ، أَوْ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ لَهُ مِقْدَارٌ، فَهِيَ كِتَابَةُ بَاطِلٍ، وَلَا عِتْقَ لَهُ وَإِنْ أَدَّى، وَإِنْ كَاتَبَ عَلَى خَمْرٍ مَحْدُودَةٍ، أَوْ عَلَى خِنْزِيرٍ مَوْصُوفٍ، فَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ عَتَقَ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَوْلَاهُ. قَالَ عَلِيٌّ: مَا سُمِعَ بِأَنْتَنَ مِنْ هَذَا التَّقْسِيمِ، وَلَا بِأَفْسَدَ مِنْهُ، وَهُمْ يَقُولُونَ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُسَمِّيَا ذَلِكَ الثَّمَنَ وَلَا عَرَفَاهُ، فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ وَهِيَ مَعَهُ وَأَعْتَقَهُ - جَازَ عِتْقُهُ. وَكَانَتْ حُجَّتُهُمْ هَاهُنَا أَقْبَحَ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: الْعُقُودُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ جَائِزَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَلَقَدْ أَنْزَلُوا أَنْفُسَهُمْ حَيْثُ لَمْ يُنْزِلْهُمْ مِنْ الِائْتِسَاءِ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ الْكُفَّارِ، وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ أَهْلَ الْكُفْرِ أُسْوَةً، وَلَا قُدْوَةً، وَإِنَّ فِي هَذِهِ لِدَلَائِلَ سُوءٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ، فَكَيْفَ وَمَا أَحَلَّ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مُذْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ سَلَفًا وَلَا لَهُمْ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِشَيْءٍ؟

[مَسْأَلَة الْكِتَابَة بِمَا لَا يَحِلّ بَيْعه]

١٦٩٦ - مَسْأَلَةٌ: وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ بِمَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إذَا حَلَّ مِلْكُهُ، كَالْكَلْبِ، وَالسِّنَّوْرِ، وَالْمَاءِ، وَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، وَالسُّنْبُلِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا مَالٌ حَلَالٌ تَمَلُّكُهُ، وَهِبَتُهُ، وَإِصْدَاقُهُ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ بَيْعًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة نزع السَّيِّد شَيْئًا مِنْ مَال مُكَاتَبه]

١٦٩٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُكَاتَبِهِ مُذْ يُكَاتِبُهُ، فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ؛ أَوْ بَاعَ مِنْهُ مَا قَابَلَ مَا لَمْ يُؤَدِّ: فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ إذَا بَاعَهُ كُلَّهُ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ بَعْضِهِ فَمَالُهُ لَهُ وَمَعَهُ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ، وَقَيْسٍ، قَالَ زِيَادٌ: عَنْ الْحَسَنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>