للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزَّوْجَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ كُلِّهَا يَقُولُ الْمُبْطِلُونَ لِلْعَوْلِ: إنَّ الْوَاجِبَ لَهُمْ مَا سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فِي الْقُرْآنِ - وَقَالَ الْقَائِلُونَ بِالْعَوْلِ: لَيْسَ لَهُمْ إلَّا بَعْضُهُ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ لَا بِقَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ.

وَأَمَّا الْأَخَوَاتُ وَالْبَنَاتُ: فَقَدْ أَجْمَعَ الْقَائِلُونَ بِالْعَوْلِ وَالْمُبْطِلُونَ لِلْعَوْلِ، وَلَيْسَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ لِهَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ ثَالِثٌ لَهُمَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ لَهُمَا ثَالِثٌ، إذْ لَيْسَ فِي الْمُمْكِنِ إلَّا إثْبَاتٌ أَوْ نَفْيٌ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْعَوْلِ لَهُنَّ مَا جَاءَ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ، لَكِنْ إمَّا بَعْضُ ذَلِكَ، وَإِمَّا لَا شَيْءَ فَكَانَ إجْمَاعُهُمْ حَقًّا بِلَا شَكٍّ، وَكَانَ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، إذْ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ، فَوَجَبَ إذْ لَا حَقَّ لَهُنَّ بِالنَّصِّ أَنْ لَا يُعْطُوا إلَّا مَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ لَهُنَّ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْمَعْ لَهُنَّ عَلَى شَيْءٍ وَقَدْ خَرَجْنَ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالضَّرُورَةِ عَنْ النَّصِّ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِينَ شَيْئًا بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ - وَهَذَا بَيَانٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ادَّعَوْا عَلَيْنَا فِيهَا التَّنَاقُضَ، فَهِيَ: زَوْجٌ، وَأُمٌّ، وَأُخْتَانِ لِأَبٍ، وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ - وَمَسْأَلَةٌ أُخْرَى ادَّعَوْا فِيهَا التَّنَاقُضَ عَلَى بَعْضِنَا دُونَ بَعْضٍ، وَهِيَ: زَوْجٌ، وَأُمٌّ، وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ، فَقَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلُّ هَؤُلَاءِ أُولُو فَرْضٍ مُسَمًّى، لَا يَرِثُ مِنْهُمْ أَحَدٌ بِغَيْرِ الْفَرْضِ الْمُسَمَّى فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ، وَلَيْسَ هَاهُنَا مَنْ يَرِثُ مَرَّةً بِفَرْضٍ مُسَمًّى فَتُقَدِّمُوهُ، وَمَرَّةً مَا بَقِيَ فَتُسْقِطُوهُ أَوْ تُؤَخِّرُوهُ.

وَقَالُوا فِي الْأُمِّ وَالْأَخَوَاتِ الشَّقَائِقِ، أَوْ لِلْأَبِ فَقَطْ، أَوْ لِلْأُمِّ فَقَطْ، مِمَّنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لَا يَرِثُ شَيْئًا: فَمِنْ أَيْنَ لَكُمْ إسْقَاطُ بَعْضٍ وَإِثْبَاتُ بَعْضٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مَسْأَلَةُ: الزَّوْجِ، وَالْأُمِّ، وَالْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ، وَالْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ. فَلَا تَنَاقُضَ فِيهَا أَصْلًا، لِأَنَّ الْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ قَدْ يَرِثَانِ بِفَرْضٍ مُسَمًّى مَرَّةً، وَقَدْ لَا يَرِثَانِ إلَّا مَا بَقِيَ - إنْ بَقِيَ شَيْءٌ -: فَلَا يُعْطَيَانِ مَا لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ لَهُمَا، وَلَا اتِّفَاقٌ.

وَلَيْسَ لِلْأُمِّ هَاهُنَا إلَّا السُّدُسُ؛ لِأَنَّ لِلْمَيِّتِ إخْوَةً، فَوَجَبَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِالنَّصِّ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ بِالنَّصِّ، فَذَلِكَ الثُّلُثَانِ، وَلِلْأُخْتَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ بِالنَّصِّ.

وَأَيْضًا: فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مُجْمَعٌ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، وَمُخْتَلَفٌ فِي حَطِّهِمْ فَوَجَبَ تَوْرِيثُهُمْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَبَطَلَ حَطُّهُمْ بِالدَّعْوَى الْمُخَالِفَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>