للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنْ انْقَرَضَ وَلَدُهَا عَادَ مِيرَاثُهُمْ إلَى عُصْبَةِ أُمِّهِمْ مِنْ مُضَرَ، لَا إلَى عُصْبَةِ أَبْنَاءِ الْمُعْتَقَةِ، فَهَلْ سُمِعَ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا؟ وَكَيْفَ يَرِثُونَ عَنْ أُمِّهِمْ وَلَاءً لَا يَرِثُهُ عَنْهُمْ عُصْبَتُهُمْ، إنَّ هَذَا الْمُحَالَ ظَاهِرٌ، وَإِذَا لَمْ يُورَثُ عَنْهُمْ آخِرًا فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَرِثُوهُ هُمْ أَوَّلًا.

وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا شَغَبُوا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالُوا: كَمَا يَرِثُونَ مَالَ أُمِّهِمْ كَذَلِكَ يَرِثُونَ وَلَاءَ مَوْلَاهَا الَّذِي لَوْ كَانَتْ حَيَّةً لَوَرِثَتْهُ هِيَ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا بَاطِلٌ لَيْسَ مَنْ يَرِثُ الْمَالَ يَرِثُ الْوَلَاءَ، وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ مَعَنَا فِي أَنَّ امْرَأَةً لَوْ مَاتَتْ وَلَهَا مَالٌ وَمَوَالٍ، وَتَرَكَتْ: زَوْجَهَا، وَأُخْتَهَا، وَبَنِي عَمِّهَا: فَإِنَّ جَمِيعَ مِيرَاثِهَا لِزَوْجِهَا وَأُخْتِهَا، وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي وَلَاءِ مَوَالِيهَا، وَأَنَّ وَلَاءَ مَوَالِيهَا لِبَنِي عَمِّهَا الَّذِينَ لَا يَأْخُذُونَ مِنْ مَالِهَا شَيْئًا.

وَكَذَلِكَ: امْرَأَةٌ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ: زَوْجًا، وَبِنْتَيْنِ، وَأُمًّا، وَبَنِي ابْنٍ -: فَإِنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلزَّوْجِ وَالْبِنْتَيْنِ وَالْأُمِّ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ بَنُو الِابْنِ شَيْئًا، وَأَنَّ وَلَاءَ مَوَالِيهَا عِنْدَهُمْ لِبَنِي الِابْنِ، وَلَا يَرِثُ مِنْهُ الَّذِينَ وَرِثُوا الْمَالَ شَيْئًا -: فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ، وَبَطَلَ قَوْلُهُمْ، إذْ عُرِّيَ مِنْ بُرْهَانٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَإِنْ مَوَّهُوا بِقَضَاءِ عُمَرَ: فَقَدْ قَضَى عُمَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَفْسِهَا بِأَنَّ عُصْبَةَ وَلَدِهَا يَرِثُونَ وَلَاءَ مَوَالِيهَا عَنْ وَلَدِهَا، وَلَا يَرِثُهُ إخْوَتُهَا -: فَقَدْ خَالَفُوا عُمَرَ فِي ذَلِكَ تَحَكُّمًا بِالْبَاطِلِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

١٧٤٠ - مَسْأَلَةٌ وَمَا وُلِدَ لِلْمَمْلُوكِ مِنْ حُرَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهُ مَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَرِثُ الْمَرْءُ مَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ مِنْ حَمْلٍ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ أَبَاهُ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهَذَا الْمَوْلُودُ خُلِقَ حُرًّا، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْدُثَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُرِّيَّتِهِ وَلَاءٌ لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ، وَلَا كَانَ ذَلِكَ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ قَبْلُ إلَّا بِنَصٍّ، وَلَا نَصَّ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>