للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ قَوْمٌ: لَيْسَتْ فَرْضًا، وَاحْتَجُّوا: بِأَنَّ هَذَا الْخَبَرَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ فِيهِ «لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ» .

قَالُوا: فَرَدَّ الْأَمْرَ إلَى إرَادَتِهِ؟ وَقَالُوا: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوصِ، وَرَوَوْا: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - وَهُوَ رَاوِي الْخَبَرِ - لَمْ يُوصِ، وَأَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ بِحَضْرَةِ عُمَرَ لَمْ يُوصِ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِيمَنْ تَرَكَ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ: قَلِيلٌ، لَيْسَ فِيهَا وَصِيَّةٌ، وَأَنَّ عَلِيًّا نَهَى مَنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا مِنْ السَّبْعِمِائَةِ إلَى التِّسْعِمِائَةِ عَنْ الْوَصِيَّةِ، وَأَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ فِيمَنْ تَرَكَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ: فِي هَذَا فَضْلٌ عَنْ وَلَدِهِ.

وَعَنْ النَّخَعِيِّ لَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ فَرْضًا.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ -: أَمَّا مَنْ زَادَ فِي رِوَايَتِهِ " يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ " فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَوَاهُ كَمَا أَوْرَدْنَا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ، لَكِنْ بِلَفْظِ الْإِيجَابِ فَقَطْ.

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ.

وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ.

وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَيُونُسُ عَنْ نَافِعٍ - وَكِلَا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحٌ.

فَإِذْ هُمَا صَحِيحَانِ فَقَدْ وَجَبَتْ الْوَصِيَّةُ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُرِيدَهَا وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>