للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ أَيْضًا - خِلَافُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي.

وَأَطْرَفُ شَيْءٍ قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُمْ، فَأَبْطَلَ عِتْقَ مَالِكِيهِ بِإِقْرَارِهِ، وَأَجَازَ عِتْقَهُ بِخِلَافِ وَصِيَّةِ الْمُوصِي بِعِتْقِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لِلْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ أَوْ بِسُكْنَى الدَّارِ: أَنْ يُؤَاجِرَهَا، قَالَ: إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَخْدُمَ ابْنَهُ مَا عَاشَ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ - فَهَذَا لَا يُؤَاجَرُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الْحَضَانَةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَخِلَافُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي مِنْ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلَيْسَ لِلْمُوصِي مَالٌ غَيْرُهُ، فَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا لَهُ خِدْمَةَ الْعَبْدِ سَنَةً ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ، وَبَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ ثُلُثَ جَمِيعِ مَا تَرَكَهُ الْمُوصِي مِلْكًا؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خِلَافُ الْوَصِيَّةِ جِهَارًا.

وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أُوصِيَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ مَا عَاشَ: حُسِبَ لَهُ عُمْرُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوُقِفَ لَهُ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ إلَى تَمَامِ السَّبْعِينَ، فَمَا فَضَلَ رُدَّ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا أَوْ عَلَى الْوَرَثَةِ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ فَاحِشٌ -: أَوَّلُ ذَلِكَ تَخْصِيصُهُ سَبْعِينَ سَنَةً.

ثُمَّ قَوْلُ: يُوقَفُ لَهُ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ إلَى تَمَامِ سَبْعِينَ، وَالْأَسْعَارُ تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا.

ثُمَّ النَّفَقَةُ أَيْضًا - شَيْءٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي النَّفَقَةِ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالتَّوَابِلِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا عَنْ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ قَبْلَهُمْ، وَلَا قِيَاسٍ وَلَا مَعْقُولٍ، بَلْ هِيَ مُخَالِفَةٌ لِكُلِّ ذَلِكَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَبِسُكْنَى الدَّارِ، وَبِغَلَّةِ الْبُسْتَانِ وَالْأَرْضِ، وَأَجَازَ لِلْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى الدَّارِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا - وَهَذَا تَبْدِيلٌ لِلْوَصِيَّةِ.

وَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ لِزَيْدٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِعَمْرٍو.

وَقَالَ فِيمَنْ أَوْصَى لِإِنْسَانٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً وَلَا مَالَ لِلْمُوصِي غَيْرُ ذَلِكَ الْعَبْدِ: أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَمَلَ الثُّلُثَ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>