للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ وَطْؤُهَا، اغْتَسَلَتْ أَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ، مَضَى لَهَا وَقْتُ صَلَاةٍ أَوْ لَمْ يَمْضِ، تَوَضَّأَتْ أَوْ لَمْ تَتَوَضَّأْ، تَيَمَّمَتْ أَوْ لَمْ تَتَيَمَّمْ، غَسَلَتْ فَرْجَهَا أَوْ لَمْ تَغْسِلْهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُ حَيْضِهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا إلَّا بِأَنْ تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ لَهَا وَقْتُ أَدْنَى صَلَاةٍ مِنْ طُهْرِهَا، فَإِنْ مَضَى لَهَا وَقْتُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ طَهُرَتْ فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تَغْتَسِلْ فِيهِ فَلَهُ وَطْؤُهَا، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ وَلَا تَيَمَّمَتْ وَلَا تَوَضَّأَتْ وَلَا غَسَلَتْ فَرْجَهَا، فَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةٍ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَهَذِهِ أَقْوَالٌ نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهَا، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَيْءٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَيْضًا عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ إلَّا عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ الْمَنْعَ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِمْ لَوْ انْفَرَدُوا، فَكَيْفَ وَقَدْ عَارَضَهُمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ.

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ خَالَفُوا فِيهَا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِيهَا مُخَالِفٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا كَثِيرًا قَبْلُ، وَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ: لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي مَقْبَرَةٍ وَلَا إلَى قَبْرٍ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَخَالَفُوهُمْ بِآرَائِهِمْ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَأَنَسٍ: الْفَخِذُ لَيْسَتْ عَوْرَةً وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَخَالَفُوهُمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ جِدًّا.

وَلَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ بِقَوْلِهِ: {تَطَهَّرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] بَعْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ دُونَ بَعْضٍ لَمَا أَغْفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانَ ذَلِكَ، فَلَمَّا لَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ وَأَحَالَنَا عَلَى الْقُرْآنِ أَيْقَنَّا قَطْعًا بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُرِدْ بَعْضَ مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ دُونَ بَعْضٍ، فَإِنْ قَالُوا قَوْلُنَا أَحْوَطُ، قُلْنَا حَاشَا لِلَّهِ، بَلْ الْأَحْوَطُ أَنْ لَا يُحَرِّمَ عَلَيْهِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْوَطْءِ بِغَيْرِ يَقِينٍ.

فَإِنْ قَالُوا: لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِمَا يَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ، قُلْنَا هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلٍ مُنْتَقِضَةٌ، أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا بُرْهَانَ عَلَى صِحَّتِهَا.

وَالثَّانِي أَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَيْثُ لَا تَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ، وَهُوَ كَوْنُهَا مُجْنِبَةً وَمُحْدِثَةً.

وَالثَّالِثُ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: هَلَّا قُلْتُمْ لَا يَحِلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>