للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ -.

قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: الرِّجَالُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبَنَاتِ لَا يُكْرَهُونَ وَأَشَدُّ شَأْنًا.

وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: يَسْتَأْمِرُ الْأَبُ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ.

وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ أَجَازَ عَلَى الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ إنْكَاحَ أَبِيهَا لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا مُتَعَلِّقًا أَصْلًا، إلَّا أَنْ قَالُوا: قَدْ ثَبَتَ جَوَازُ إنْكَاحِهِ لَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْكِبَرِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا شَيْءَ لِوَجْهَيْنِ -: أَحَدُهُمَا - أَنَّ النَّصَّ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ - فَذَكَرَ: الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ» .

وَالثَّانِي - أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ فَاسِدٌ، وَإِذْ صَحَّحُوا قِيَاسَ الْبَالِغَةِ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغَةِ فَلْيَلْزَمْهُمْ أَنْ يَقِيسُوا الْجَدَّ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ، وَسَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى الْأَبِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي قِيَاسِهِمْ، وَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ النُّصُوصُ الَّتِي أَوْرَدْنَا فِي رَدِّ إنْكَاحِ الْبِكْرِ بِغَيْرِ إذْنِهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْمَجْنُونَةُ - وَهِيَ ذَاهِبَةُ الْعَقْلِ - فَلَا إذْنَ لَهَا وَلَا أَمْرَ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ لَا يُنْكِحُهَا الْأَبُ وَلَا غَيْرُهُ حَتَّى يُمْكِنَ اسْتِئْذَانُهَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[مَسْأَلَة أنكاح الْأَب أبنه الصَّغِير]

١٨٢٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَلَا لِغَيْرِهِ إنْكَاحُ الصَّغِيرِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، وَأَجَازَهُ قَوْمٌ - لَا حُجَّةَ لَهُمْ إلَّا قِيَاسُهُ عَلَى الصَّغِيرَةِ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ قَدْ عَارَضَ هَذَا الْقِيَاسَ قِيَاسٌ آخَرُ مِثْلُهُ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الذَّكَرَ إذَا بَلَغَ لَا مَدْخَلَ لِأَبِيهِ وَلَا لِغَيْرِهِ فِي إنْكَاحِهِ أَصْلًا، وَأَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى الَّتِي لَهُ فِيهَا مَدْخَلٌ: إمَّا بِإِذْنٍ، وَإِمَّا بِإِنْكَاحٍ، وَإِمَّا بِمُرَاعَاةِ الْكُفْءِ - فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمَا مُخْتَلِفَيْنِ قَبْلَ الْبُلُوغِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>