للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ أَبَاحَ النِّكَاحَ الَّذِي يُسْتَكْتَمُ فِيهِ الشَّاهِدَانِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ؛ وَأَصْحَابُهُمْ.

[مَسْأَلَة النِّكَاح بِغَيْرِ ذِكْر صَدَاق]

١٨٣٣ - مَسْأَلَةٌ: وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ بِغَيْرِ ذِكْرِ صَدَاقٍ، لَكِنْ بِأَنْ يَسْكُتَ جُمْلَةً فَإِنْ اشْتَرَطَ فِيهِ أَنْ لَا صَدَاقَ عَلَيْهِ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] .

فَصَحَّحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النِّكَاحَ الَّذِي لَمْ يُفْرَضْ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ شَيْءٌ، إذْ صَحَّحَ فِيهِ الطَّلَاقَ، وَالطَّلَاقُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ.

وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ فِيهِ أَنْ لَا صَدَاقَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ» وَهَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ.

بَلْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إبْطَالُهُ، قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] فَإِذْ هُوَ بَاطِلٌ فَالنِّكَاحُ الْمَذْكُورُ لَمْ تَنْعَقِدْ صِحَّتُهُ إلَّا عَلَى تَصْحِيحِ مَا لَا يَصِحُّ، فَهُوَ نِكَاحٌ لَا صِحَّةَ لَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة إذَا طَلَبَتْ الْمُنْكَحَةُ الَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقٌ]

١٨٣٤ - مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا طَلَبَتْ الْمُنْكَحَةُ الَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقٌ قُضِيَ لَهَا بِهِ، فَإِنْ تَرَاضَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا بِشَيْءٍ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ، فَهُوَ صَدَاقٌ، لَا صَدَاقَ لَهَا غَيْرُهُ، فَإِنْ اُخْتُلِفَ قُضِيَ لَهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا - أَحَبَّ هُوَ أَوْ هِيَ، أَوْ كَرِهَتْ هِيَ أَوْ هُوَ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ مِمَّا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ، وَإِنَّمَا خَالَفَ قَوْمٌ فِي بَعْضِ الْأَعْدَادِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ بَعْدَ هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُهُمْ سَاقِطٌ نُبَيِّنُهُ بَعْدُ، بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ.

وَأَمَّا الْقَضَاءُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، فَإِنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا الصَّدَاقَ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُقْضَى لَهَا بِهِ إذَا طَلَبَتْهُ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ مَا طَلَبَتْهُ هِيَ، إذْ قَدْ تَطْلُبُ مِنْهُ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُلْزَمَ هِيَ مَا أَعْطَاهَا، إذْ قَدْ يُعْطِيهَا فَلْسًا، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِإِلْزَامِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>