للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانُ النَّهْيِ عَنْ أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ لِمَالِهَا -: كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ نَا ابْنُ مُفَرِّجٍ الْقَاضِي نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيِّ نا الْبَزَّارُ نا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَنْكِحُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ فَلَعَلَّ حُسْنَهُنَّ يُرْدِيهِنَّ، وَلَا تَنْكِحُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ فَلَعَلَّ أَمْوَالَهُنَّ يُطْغِيهِنَّ، وَأَنْكِحُوهُنَّ لِلدِّينِ، وَلَأَمَةٌ سَوْدَاءُ خَرْمَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ» .

ثُمَّ إنَّهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفِينَ لِمَا مَوَّهُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ لِمَالِهَا - لَوْ أُبِيحَ ذَلِكَ أَوْ نُدِبَ إلَيْهِ - شَيْءٌ مِمَّا أَتَوْا بِهِ مِنْ التَّخْلِيطِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ صَدَاقِ فِضَّةٍ مَضْرُوبَةٍ، وَذَهَبٍ مَضْرُوبٍ، وَبَيْنَ سَبَائِكِ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ غَيْرِ مَضْرُوبَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إصْدَاقِ ثِيَابٍ، وَوِطَاءٍ، وَجَوْهَرٍ، وَخَادِمٍ، وَبَيْنَ إصْدَاقِ حَرِيرٍ، وَقُطْنٍ، وَكَتَّانٍ، وَصُوفٍ، وَدَابَّةٍ، وَمَاشِيَةٍ، وَعَبْدٍ، وَطَعَامٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ مِنْ دَيْنِهَا فَأَقَلَّ، وَبَيْنَ قَضَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ - فَوَضَحَ عَظِيمُ فَسَادِ تَخْلِيطِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَرُبَّمَا يُمَوِّهُونَ بِمَا نَذْكُرُهُ مِمَّا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى نا قَتَادَةُ عَنْ جَلَالِ بْنِ أَبِي الْجَلَالِ الْعَتَكِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ إلَى رَجُلٍ ابْنَتَهُ مِنْ امْرَأَةٍ عَرَبِيَّةٍ فَأَنْكَحَهَا إيَّاهُ فَبَعَثَ إلَيْهِ بِابْنَةٍ لَهُ أُخْرَى أُمُّهَا أَعْجَمِيَّةٌ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَى مُعَاوِيَةَ فَقَصَّ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: مُعْضِلَةٌ وَلَا أَبَا حَسَنٍ - وَكَانَ عَلِيٌّ حَرْبًا لِمُعَاوِيَةَ - فَقَالَ الرَّجُلُ لِمُعَاوِيَةَ فَأْذَنْ لِي أَنْ آتِيَهُ؟ فَأَذِنَ لَهُ مُعَاوِيَةُ، فَأَتَى الرَّجُلُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا عَلِيٌّ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ؟ فَقَضَى عَلِيٌّ عَلَى أَبِي الْجَارِيَةِ بِأَنْ يُجَهِّزَ ابْنَتَهُ الَّتِي أَنْكَحَهَا إيَّاهُ بِمِثْلِ الصَّدَاقِ الَّذِي سَاقَ مِنْهَا لِأُخْتِهَا بِمَا أَصَابَ مِنْ فَرْجِهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَمَسَّ امْرَأَتَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا.

قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ: وَأَخْبَرَنِي هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ جَارِيَةً فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا؟ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ: لِلَّتِي دَخَلَ بِهَا الصَّدَاقُ الَّذِي سَاقَ، وَعَلَى الَّذِي غَرَّهُ أَنْ يَزِفَّ إلَيْهِ امْرَأَتَهُ بِمِثْلِ صَدَاقِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>