للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُعَيْبُ - هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ - عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَا الْخَبَرِ، وَفِيهِ «لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي» وَلَا شَكَّ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ عَنْ قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ أَسْقَطَ بَعْضُ الرُّوَاةِ لَفْظَةً أَثْبَتَهَا غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ وَفَوْقَهُ فِي الْحِفْظِ، فَلَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِالْأَنْقَصِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْقُرْآنِ.

وَمَوَّهُوا بِحَمَاقَاتٍ -: مِثْلُ أَنْ قَالُوا: أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] عَلَى الْأَغْلَبِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِخْبَارٌ عَنْهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْبَاطِلِ وَمِثْلُ قَوْلِهِمْ هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: ٥٠] وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ اللَّاتِي لَمْ يُؤْتِهِنَّ أُجُورَهُنَّ؟ .

فَقُلْنَا: لَوْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ آخَرُ بِإِحْلَالِ الْمَوْهُوبَةِ وَاَلَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا فَرِيضَةٌ لَمَا حَلَّتْ إلَّا اللَّاتِي يُؤْتِيهِنَّ أُجُورَهُنَّ، وَأَنْتُمْ لَا نَصَّ فِي أَيْدِيكُمْ يُحَرِّمُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ مِنْ الرَّبَائِبِ.

وَمِثْلُ قَوْلِهِمْ: كُلُّ تَحْرِيمٍ لَهُ سَبَبَانِ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا انْفَرَدَ كَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ؟

قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ، بَلْ لَا تَأْثِيرَ لَهُ دُونَ اجْتِمَاعِهِ فِي السَّبَبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مَعَهُ.

وَادَّعَوْا أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ عُبَيْدٍ الَّذِي رَوَى عَنْ عَلِيٍّ إبَاحَةَ ذَلِكَ مَجْهُولٌ؟ قَالَ عَلِيٌّ: بَلْ كَذَبُوا، هُوَ مَشْهُورٌ ثِقَةٌ، رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ.

فَوَضَحَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[مَسْأَلَةٌ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَزَوْجَةِ أَبِيهَا وَزَوْجَةِ ابْنِهَا وَابْنَةِ عَمِّهَا]

١٨٦٥ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَزَوْجَةِ أَبِيهَا، وَزَوْجَةِ ابْنِهَا وَابْنَةِ عَمِّهَا لَحًّا، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ - وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.

وَكَذَلِكَ تَحِلُّ لَهُ امْرَأَةُ زَوْجِ أُمِّهِ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ قَدِيمٌ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ الْآنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>