للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالُوا: إنَّ هَذَا لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، قُلْنَا لَهُمْ: لَيْسَتْ الْعِدَّةُ لِلْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَمْلِ، لِبَرَاهِينَ: أَوَّلُ ذَلِكَ: أَنَّهُ مِنْكُمْ دَعْوَى كَاذِبَةٌ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْعِدَّةَ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ تَلْزَمُ الْعَجُوزَ ابْنَةَ الْمِائَةِ عَامٍ، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا لَا حَمَلَ بِهَا، وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْعِدَّةَ تَلْزَمُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تَحْمِلُ، وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا تَلْزَمُ مِنْ الْعَقِيمِ، وَالْخَامِسُ: أَنَّهَا تَلْزَمُ مِنْ الْخَصِيِّ مَا بَقِيَ لَهُ مَا يُولِجُهُ، وَالسَّادِسُ: أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِرَ، وَالسَّابِعُ: أَنَّهَا تَلْزَمُ مَنْ وَطِئَ مَرَّةً ثُمَّ غَابَ إلَى الْهِنْدِ وَأَقَامَ هُنَالِكَ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا لَا حَمْلَ بِهَا، وَالثَّامِنُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ لَكَانَتْ حَيْضَةً وَاحِدَةً تُبْرِئُ مِنْ ذَلِكَ، وَالتَّاسِعُ: أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُطَلَّقَةَ إثْرَ نِفَاسِهَا وَلَا حَمْلَ بِهَا، وَالْعَاشِرُ: أَنَّ الْمَكِّيِّينَ بِالضِّدِّ مِنْهُمْ، قَالُوا: لَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَتُصَدَّق فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا، وَتُصَدَّقُ فِي السِّتِّينَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا لَا فِي أَقَلَّ، وَقَالَ مَالِكٌ: تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا فِي أَقَلَّ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُصَدَّقُ فِي تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا لَا أَقَلَّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا لَا أَقَلَّ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَكُلُّ هَذِهِ الْمُدَدِ الَّتِي بَنَوْهَا عَلَى أُصُولِهِمْ لَا يُؤْمَنُ مَعَ انْقِضَاءِ وُجُودِ الْحَمْلِ، فَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَبْطَلَ عِلَّتَهُمْ، وَكَذَّبَ دَلِيلَهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُؤْمَنَ الْحَمْلُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَكَيْفَ وَهُمْ الْمُحْتَاطُونَ بِزَعْمِهِمْ لِلْحَمْلِ وَهُمْ يُصَدِّقُونَ قَوْلَهَا، وَلَوْ أَنَّهَا أَفْسَقُ الْبَرِيَّةِ وَأَكْذَبَهُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَدِ، أَمَّا نَحْنُ فَلَا نُصَدِّقُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ مِنْ أَرْبَعِ قَوَابِلَ عُدُولٍ عَالِمَاتٍ، فَظَهَرَ مِنْ الْمُحْتَاطِ لِلْحَمْلِ، لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ: أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ، فَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: إنَّ الْعِدَّةَ وُضِعَتْ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَحَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ أَوْ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ اقْضِ فِيهَا؟ قَالَ إنْ جَاءَتْ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ النِّسَاءِ الْعُدُولِ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى صِدْقُهُ وَعَدْلُهُ أَنَّهَا رَأَتْ مَا يُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ مِنْ الطَّمْثِ الَّذِي هُوَ الطَّمْثُ وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصَلِّي فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " قالون " مَعْنَاهَا أَصَبْتُ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ: وَهَذَا نَصُّ قَوْلِنَا، وَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّهُ سُئِلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>