للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَذَرَ» فَفِي هَذَا الْخَبَرِ تَحْرِيمُ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ الْمُسْلِمِ حَتَّى يَذَرَ.

وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ نا حَجَّاجٌ - هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ - قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْت نَافِعًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ الرَّجُلِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا إذَا رَدَّتْهُ الْمَخْطُوبَةُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَطْعُ الْخِطْبَةِ، لِأَنَّ فِي تَمَادِيهِ الْإِضْرَارَ بِهَا وَالظُّلْمَ لَهَا فِي مَنْعِهِ بِذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ خِطْبَتِهَا، فَكُلُّ خِطْبَةٍ تَكُونُ مَعْصِيَةً فَلَا حُكْمَ لَهَا.

وَأَمَّا إذَا كَانَ فَوْقَهُ فِي دِينِهِ وَحُسْنِ صُحْبَتِهِ فَلِحَدِيثِ «فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْمَشْهُورِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: مَنْ خَطَبَكِ؟ قَالَتْ: مُعَاوِيَةُ وَرَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ آخَرُ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَإِنَّهُ غُلَامٌ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ لَا شَيْءَ لَهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ شَرٍّ لَا خَيْرَ فِيهِ، انْكِحِي أُسَامَةَ؟ قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ، فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: فَنَكَحَتْهُ» .

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَذَكَرَتْ حَدِيثَهَا، وَفِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي؟ قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ، فَنَكَحَتْهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطَتْ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ عَلَيْهَا بِاَلَّذِي هُوَ أَجْمَلُ صُحْبَةً لَهَا مِنْ أَبِي جَهْمٍ الْكَثِيرِ الضَّرْبِ لِلنِّسَاءِ، وَأُسَامَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُعَاوِيَةَ.

فَإِنْ قِيلَ: وَمَا يُدْرِيك أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ كَانَ قَبْلَ خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَخْطِبَ أَحَدٌ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>