للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّمَا قُلْنَا: كُلُّ نِكَاحٍ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَسْخَهُ: فَهُوَ مَفْسُوخٌ، سَوَاءً أَحَبَّ الْحَاكِمُ ذَلِكَ أَوْ كَرِهَهُ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ، وَلَا رَأْيَ لَهُ فِيهِ، إنَّمَا الْحَاكِمُ مُنَفِّذٌ بِقُوَّةِ سُلْطَانِهِ كُلَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ، وَكُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ مِمَّا عَدَا مَا ذَكَرْنَا فَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا.

[مَسْأَلَةٌ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِي الْإِيلَاءِ سَوَاءٌ]

١٨٨٦ - مَسْأَلَةٌ: وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِي الْإِيلَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ، أَوْ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ، أَوْ الذِّمِّيَّةِ - الْكَبِيرَةِ أَوْ الصَّغِيرَةِ - سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ - لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إيلَاءُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: بَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ إيلَاءُ الْعَبْدِ شَهْرَانِ وَرُوِّينَا عَنْهُ أَيْضًا - إيلَاءُ الْأَمَةِ شَهْرَانِ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ حِبَّانَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَإِيلَاؤُهَا شَهْرَانِ، وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ أَنْ لَا إيلَاءَ لِلْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ، وَهُوَ شَهْرَانِ.

وَبِهِ يَقُولُ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ.

فَإِنَّ مَوَّهُوا بِعُمَرَ؟ قُلْنَا: وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ الْإِيلَاءُ مِنْ الْأَمَةِ شَهْرَانِ - وَجَاءَ عَنْهُ: لَا يَنْكِحُ الْعَبْدُ إلَّا اثْنَتَيْنِ، فَخَالَفْتُمُوهُ، وَهَذَا تَلَاعُبٌ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَإِيلَاءُ زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ عَنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِيلَاءُ زَوْجِهَا الْحُرِّ وَالْعَبْدِ عَنْهَا شَهْرَانِ - وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إيلَاءُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِنْ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ سَوَاءٌ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>