للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْتَهُ مَنْ يَكْرَهُ، وَأَنْ لَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا مَتَى أَرَادَ، وَأَنْ تَحْفَظَ مَا جَعَلَ عِنْدَهَا مِنْ مَالِهِ

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ لِذَلِكَ بِالْأَثَرِ الثَّابِتِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ «شَكَتْ فَاطِمَةُ مَجْلَ يَدَيْهَا مِنْ الطَّحِينِ، وَأَنَّهُ أَعْلَمَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إذْ سَأَلَهُ خَادِمًا»

وَبِالْخَبَرِ الثَّابِتِ - مِنْ طَرِيقِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كُنْت أَخْدِمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْت أَسُوسُهُ كُنْت أَحْتَشُّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ

وَبِالْخَبَرِ الثَّابِتِ - مِنْ طَرِيقِ «أَسْمَاءَ أَيْضًا، أَنَّهَا كَانَتْ تَعْلِفُ فَرَسَ الزُّبَيْرِ وَتَسْقِي الْمَاءَ، وَتَجْزِمُ غَرْبَهُ، وَتَعْجِنُ، وَتَنْقُلُ النَّوَى عَلَى رَأْسِهَا مِنْ أَرْضٍ لَهُ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَهَا وَهِيَ تَنْقُلُهُ - قَالَ: فَإِذَا خَدَمَتْ هَاتَانِ الْفَاضِلَتَانِ هَذِهِ الْخِدْمَةَ الثَّقِيلَةَ فَمَنْ بَعْدَهُمَا يَتَرَفَّعُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ النِّسَاءِ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ لِأَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا مِنْ غَيْرِهَا: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُمَا بِذَلِكَ إنَّمَا كَانَتَا مُتَبَرِّعَتَيْنِ بِذَلِكَ، وَهُمَا أَهْلُ الْفَضْلِ وَالْمَبَرَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَنَحْنُ لَا نَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إنْ تَطَوَّعَتْ الْمَرْأَةُ بِهِ، إنَّمَا نَتَكَلَّمُ عَلَى سِرِّ الْحَقِّ الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفُتْيَا وَالْقَضَاءُ بِإِلْزَامِهِ

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: ٣٤]

قُلْنَا: أَوَّلُ الْآيَةِ بَيَّنَ فِيمَا هِيَ هَذِهِ الطَّاعَةُ، قَالَ تَعَالَى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: ٣٤]

فَصَحَّ أَنَّهَا الطَّاعَةُ إذَا دَعَاهَا لِلْجِمَاعِ فَقَطْ.

وَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَسْأَلَتَيْنِ

وَمَنْ أَلْزَمَ الْمَرْأَةَ خِدْمَةً دُونَ خِدْمَةٍ فَقَدْ شَرَّعَ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ مَا لَا يَصِحُّ، وَمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ بَيَّنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: أَنَّ لَهُنَّ عَلَيْنَا رِزْقَهُنَّ وَكِسْوَتَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>