للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَمْ يَخُصَّ عُمَرُ نَاشِزًا مِنْ غَيْرِهَا.

وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ سَأَلْت الْحَكَمَ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ امْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَاضِبَةً هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ - وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لِلصَّغِيرَةِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَا نَعْلَمُ لِعُمَرَ فِي هَذَا مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا يُحْفَظُ مَنْعُ النَّاشِزِ مِنْ النَّفَقَةِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: النَّفَقَةُ بِإِزَاءِ الْجِمَاعِ، فَإِذَا مَنَعَتْ الْجِمَاعَ مُنِعَتْ النَّفَقَةُ؟ .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ حُجَّةٌ أَفْقَرُ إلَى مَا يُصَحِّحُهَا مِمَّا رَامُوا تَصْحِيحَهَا بِهِ، وَقَدْ كَذَبُوا فِي ذَلِكَ، مَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ إلَّا بِإِزَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِذَا وُجِدَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَاجِبَتَانِ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْعَجَبُ كُلُّهُ اسْتِحْلَالُهُمْ ظُلْمَ النَّاشِزِ فِي مَنْعِهَا حَقَّهَا مِنْ أَجْلِ ظُلْمِهَا لِلزَّوْجِ فِي مَنْعِ حَقِّهِ، وَهَذَا هُوَ الظُّلْمُ بِعَيْنِهِ، وَالْبَاطِلُ صُرَاحًا.

وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ لَا يُجِيزُونَ لِمَنْ ظَلَمَهُ إنْسَانٌ فَأَخَذَ لَهُ مَالًا فَقَدَرَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْ مَالٍ يَجِدُهُ لِظَالِمِهِ أَنْ يَنْتَصِفَ، وَرَأَوْا مَنْعَ النَّاشِزِ النَّفَقَةَ، وَالْكِسْوَةَ، وَلَا يُدْرَى لِمَاذَا؟ وَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي حُجَّتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ فَرَأَوْا النَّفَقَةَ لِلْمَرِيضَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، فَتَرَكُوا قَوْلَهُمْ: إنَّ النَّفَقَةَ بِإِزَاءِ الْجِمَاعِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَيَكْسُو الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَلَى قَدْرِ مَالِهِ: فَالْمُوسِرُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَكْسُوهَا الْخَزَّ وَمَا أَشْبَهَهُ.

وَالْمُتَوَسِّطُ: جَيِّدَ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ

وَالْمُقِلُّ عَلَى قَدْرِهِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَأْكَلِ النَّاسِ وَمَلَابِسِهِمْ.

وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أرنا عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْحِمْصِيُّ نا

<<  <  ج: ص:  >  >>